«التمسّك بقراءة سبعة من القرّاء دون غيرهم ليس فيه أثر ولا سنّة ، وإنما هو من جمع بعض المتأخرين ، لم يكن قرأ بأكثر من السبع ، فصنّف كتابا وسمّاه كتاب السبعة ، فانتشر ذلك في العامة ..» (١).
وقال الجزائري في موضع آخر :
«لم تكن القراءات السبع متميزة عن غيرها ، حتى قام الإمام أبو بكر أحمد ابن موسى بن العباس بن مجاهد ـ وكان على رأس الثلاثمائة ببغداد ـ فجمع قراءات سبعة من مشهوري أئمة الحرمين والعراقين والشام وهم : نافع ، وعبد الله ابن كثير ، وأبو عمرو بن العلاء ، وعبد الله بن عامر ، وعاصم وحمزة ، وعلي الكسائي ، وقد توهم بعض أن القراءات السبعة هي الأحرف السبعة ، وليس الأمر كذلك .. وقد لام كثير من العلماء ابن مجاهد على اختياره عدد السبعة ، لما فيه من الإيهام ... قال أحمد بن عمار المهدوي : لقد فعل مسبّع هذه السبعة ما لا ينبغي له ، وأشكل الأمر على العامة بإيهامه كل من قلّ نظره أن هذه القراءات هي المذكورة في الخبر ، وليته إذ اقتصر نقص عن السبعة أو زاد ليزيل الشبهة ..» (٢). بل إذا لاحظنا السبب الذي من أجله اختلف القرّاء في قراءاتهم ـ وهو خلو المصاحف المرسلة إلى الجهات من النقط والشكل ـ يقوى هذا الاحتمال جدا.
قال ابن أبي هاشم : «إن السبب في اختلاف القراءات السبع وغيرها ، إن الجهات التي وجهت إليها المصاحف كان بها من الصحابة من حمل عنه أهل تلك الجهة ، وكانت المصاحف خالية من النقط والشكل ، فثبت أهل كل ناحية على ما كانوا تلقوه سماعا عن الصحابة ، بشرط موافقة الخط ، وتركوا ما يخالف الخط ، فمن ثمّ نشأ الاختلاف بين قراء الأمصار» (٣).
__________________
(١) التبيان للجزائري : ص ٨٢ ، وورد مثله في الإتقان ج ١ / ١٧٦.
(٢) التبيان ص ٨٢ ، والبيان في تفسير القرآن ص ١٦٠.
(٣) البيان للخوئي ص ١٦٥ والتبيان للجزائري ص ٨٦.