أو إسكاتها إلّا بالتصبر وما شابه ذلك.
والجواب :
(أولا): علمنا فيما تقدّم من سبب النزول ، أن طلحة ورجلا آخر معه قد صمما على الزواج من نساء النبيّ من بعده كإجراء انتقامي أو لهوى في نفس بعضهم بإحدى نساء النبيّ ، وهذا بدوره يعدّ إهانة لقدسية النبيّ ، فكان هذا الفريق من الناس يريد أن ينزل بكيان النبيّ ضربة تشكّل إضعافا للمؤمنين.
هذا مضافا إلى أن زواج بعضهم من نساء النبيّ كان من الممكن أن يستغل لتحقيق بعض المآرب والوصول إلى مقامات اجتماعية مرموقة ، يبدأ من خلالها تحريف الإسلام على أساس أنهم يمتلكون معلومات خاصة صادرة من داخل بيت رسول الله ، أو أن يبث المنافقون بين الناس مطالب عن هذا الطريق تخالف مقام النبوة ، وقد صرّح بذلك طلحة عند ما قال : «لنركضنّ بين خلاخيل نسائه» لذا فإن الله تعالى جعلهنّ بمثابة الأمهات لا يجوز بحال من الأحوال الزواج منهنّ تأكيدا للقداسة ، وتنزيها عن الدناءة والخسة.
(ثانيا): أن الافتخارات العظيمة تصاحبها مسئوليات خطيرة ، ولا شك أن أزواج الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم قد اكتسبن فخرا لا يضاهى وعزا لا يسامى بزواجهن من رسول الله ، واكتساب هذا الفخر يحتاج إلى مثل هذه التضحية.
هذا مضافا إلى أن اقترانهن برسول الله يقتضي منهنّ الصبر والتسليم لأمر الله تعالى ليكونن قدوة لغيرهن من النساء حال لم يجدن الأزواج بعد فقد رجالهن ، وقد يكون الحكم تأديبيا يتناول بعضهن ، وإن كان الجلّ لا يرغب في الزواج بعد وفاة النبيّ. وقد يكون امتحانا واختبارا لنواياهن وهل هن صادقات بادعائهن صحبة الله ورسوله ، «فإن المرأة في الجنّة لآخر أزواجها في الدنيا ، فأزواج النبيّ في الدنيا أزواجه في الجنّة» (١). والله العالم بأسرار أحكامه.
__________________
(١) الدر المنثور ج ٥ / ٤٠٤.