المسلمون وأهل الكتاب ، وهو خارج عن عادتنا وبعيد من تعارفنا ، منكر عند الملحدين ومستحيل على مذهب الدهريين والمنجمين وأصحاب الطبائع من الكفار والزنادقة والمتفلسفين. وهل يمكن للمسلمين المنكرين لحياة الحجّة المنتظر «عجّل الله فرجه الشريف» أن يتركوا كتاب الله تعالى وسنّة نبيّه الكريم صلىاللهعليهوآلهوسلم لأن الزنادقة والملحدين حكموا باستحالته؟! على أن ما تعتقده الشيعة الإمامية في تمام استتار مولاهم الإمام المهدي روحي له الفداء وغيبته ومقامه على ذلك أقرب في العادات والعقول مما أوردناه من أخبار المذكورين في القرآن ، فأيّ طريق للمقرّ بالإسلام إلى إنكار مذهبنا في ذلك لو لا أنه بعيد عن شريعة سيد المرسلين ، تتحكم به الأهواء والشياطين.
على أن المنكر لو تصفّح كتب التأريخ وسير الآثار لوقف على غيبات كثيرين من ملوك الفرس عن رعاياهم دهرا طويلا لضروب من التدبيرات ، لم يعرف أحد لهم فيها مستقرا ولا عثر لهم على موضع ولا مكان ، ثم ظهروا بعد ذلك وعادوا إلى ملكهم بأحسن حال ، وكذلك جماعة من حكماء الروم والهند وملوكهم ، وكم كانت لهم غيبات وأخبار بأحوال تخرج عن العادات ، جاء على ذكرها المؤرخون لم نتعرّض لذكرها ، لعلمنا بتسرّع الخصوم إلى إنكاره تعصّبا وعنادا منهم تارة ، ودفعا لصحة الأخبار به تارة أخرى ، وتعويلهم في إبطاله على بعده من عاداتهم وذلك لضعف عقولهم وإيمانهم بقدرة الله تعالى ، وحسدا وبغضا لأهل بيت النبوة عليهمالسلام ، وقد اعتمدنا القرآن فيما يحتاج إليه منه ، وإجماع أهل الإسلام لإقرار الخصم بصحة ذلك وأنه من عند الله تعالى ، لعدم قدرتهم على تكذيب ما ورد من الذكر الحكيم بشأن من ذكرنا ، هذا مضافا إلى اعترافهم بحجة الإجماع ، وإن كان كثير منهم لا ينزل على حكم الكتاب والإقرار به ، بل يتأوّلون الآيات ويحرّفون الكلم حبا للعناد واللجاج ، قال تعالى : (فَلا يَصُدَّنَّكَ عَنْها مَنْ لا يُؤْمِنُ بِها وَاتَّبَعَ هَواهُ فَتَرْدى)(١٦) (١).
__________________
(١) سورة طه : ١٦.