يا عثمان! هذا جبريل يخبرني أن الله قد زوّجك أم كلثوم بمثل صداق رقية على مثل مصاحبتها (١).
وكما في رواية عن أبي هريرة قال : «دخلت على عقبة ، فأخبرته : أن رسول الله كان عندها آنفا ، وسألها كيف تجد عثمان؟ فقالت : بخير ، قال : أكرميه فإنه من أشبه أصحابي بي خلقا» (٢).
ليت شعري! كيف يصف النبيّ عثمان بهذه الأوصاف التي قل نظيرها في البشر ، ثم في نفس الوقت يحرّم عليه الدخول في قبر رقية ، لأنه رفث جارية في نفس ليلة وفاتها (٣)؟ أو ليس عثمان هو الذي قتل رقية (٤)؟ وهل من الأخلاق النبوية أن يختلي عثمان بجارية ليلة وفاة حليلته ومعقد شرفه بصهر رسول الله ، حتى ولو كانت مقارفة النساء على الوجه المحلّل فهي من منافيات المروءة ومن لوازم الفظاظة والغلظة ، فأي إنسان تحبّذ له نفسه التمتع بالجواري في أعظم ليلة عليه هي ليلة تصرّم مجده ، وانقطاع فخره وانفصام عرى شرفه ، فكيف هان ذلك على الخليفة عثمان؟! وحيث إن رسول الله منع عثمان من النزول في قبر رقيّة وكان أحقّ الناس بذلك لأنه كان بعلها ، وسكت عثمان ولم يقل أنا عند ما قال النبيّ : «أيكم لم يقارف الليلة أهله» لأن عثمان كان قد قارف ليلة ماتت رقية بعض نساءه ولم يشغله الهمّ بالمصيبة وانقطاع صهره من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عن المقارفة ، فحرم بذلك ما كان حقا له وكان أولى من أبي طلحة وغيره ممن نزل في قبرها ليدفنها ، حسبما ادّعى العامة (٥) ، وإن كنّا نشك بصحة ذلك ، إذ كيف يسمح النبيّ لرجل أجنبي أن يلامس جسد امرأة مسلمة حتى ولو كان من وراء الثوب ، فلم لم ينزل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في قبرها ما دامت رقية هي ابنته؟!
__________________
(١) الغدير ج ٨ / ٢٣٤ نقلا عن تاريخ ابن كثير.
(٢) مستدرك الحاكم ج ٤ / ٤٨ ، ومجمع الزوائد ج ٩ / ٨١.
(٣) الغدير ج ٨ / ٢٣١ نقلا عن صحيح البخاري باب : يعذّب الميت ببكاء أهله.
(٤) بحار الأنوار ج ٢٢ / ١٦٠ ، ح ٢٢ نقلا عن فروع الكافي.
(٥) الغدير ج ٨ / ٢٣٢ نقلا عن البخاري وابن سعد في الطبقات والبيهقي في السنن إلخ ..