الثانى : أن المطلوب إنّما هو تحديد النّظر مطلقا. ومن المعلوم أن ما يطلب به العلم غير ما يطلب به الظّن ؛ (١) لاستحالة الجمع بين (١) كون الشيء الواحد موصلا إلى العلم ، والظّن معا ؛ وهما داخلان تحت جنس النظر. وتحديد الشيء بذكر أقسامه ، وعد أنواعه ممتنع.
الثالث : أنه إذا كان الظن (٢) مطلوبا بالنّظر ؛ فلا يخفى أنّ المفهوم من غلبة الظّن يزيد على المفهوم من أصل الظّن.
وعند ذلك : فيخرج عن الحدّ. النظر الّذي يطلب به أصل الظّن دون العلم ، وغلبة الظن ؛ فلا يكون الحدّ جامعا.
الرابع : أنّ في الحدّ زيادة لا حاجة إليها. فإنه لو قال : النظر هو الّذي يطلب به من قام به علما ، أو غلبة ظنّ. (٣) لقد كان كافيا عن (٣) إدراج الفكر فيه. (٤)
ويمكن أن يجاب عن الأول : بأن النظر (٥) من حيث هو ظن. أعم من كونه (٦) مخالفا للمظنون ، أو موافقا (٦) له. وهو إنما يطلب بالنظر ، من جهة كونه ظنا. وليس بجهل ، إلا من جهة كونه مخالفا للمظنون.
وعن الثانى : أن الحدّ المذكور إنّما هو رسمى. والمذكور فيه إذا كان من الخواص المميزة له عما سواه ؛ كان صحيحا. والمحدود وإن كان هو النظر من جهة كونه نظرا ، وأنه مما يستحيل أن يطلب به العلم ، والظن معا ؛ فلا يخفى أن من خواصه انقسامه إلى : ما يطلب به العلم. وإلى ما يطلب به الظن ؛ فيكون صحيحا.
وعن الثالث : أن طلب العلم بالنظر ، وطلب الظن به ، وغلبة الظن من خواص النظر ، ولا يخفى أنّ الاقتصار على ذكر بعض الخواص ، دون البعض ؛ غير موجب لفساد الرسم.
__________________
(١) في ب (والاستحالة).
(٢) في ب (النظر).
(٣) في ب (لكان كافيا في).
(٤) زائد في ب (قال شيخنا رحمهالله).
(٥) في ب (الظن).
(٦) في ب (موافقا للمظنون ، أو مخالفا له).