فإن لم يكن معلوما : امتنع القول بأن النظر مفيد للعلم بالمنظور فيه (١)
وإن كان معلوما : فالعلم بإفادة النّظر للعلم بالمنظور فيه / وإن كان معلوما ـ فالعلم بإفادة النظر للعلم بالمنظور فيه ـ علم بإضافة بين النّظر ، والعلم بالمنظور فيه. والعلم بالإضافة يتوقف على العلم بالمضافين ، وأحد المضافين العلم بالمنظور فيه ؛ وفيه توقّف العلم بالمنظور فيه على العلم بإفادة النّظر له ، وتوقف العلم بإفادة النّظر له على العلم به ؛ وهو دور ممتنع.
الشبهة الثانية عشرة : أنّ العلم بالمنظور فيه : إما أن يتوقّف على العلم بدلالة الدليل عليه ، أو لا يتوقف.
فإن كان الأول : فدلالة الدليل على العلم بالمنظور فيه ، علم بأمر إضافي بين الدليل ، والعلم بالمدلول. والإضافة متوقفة على المضاف إليه ؛ فإذا توقف العلم بالمضاف إليه على العلم بالإضافة ؛ كان دورا. ولأنّ العلم بدلالة الدليل : إما أن يبقى مع العلم بالمدلول ، أو لا يبقى.
فإن بقى : فاجتماع علمين مختلفين محال ، كما تقدم في قاعدة العلم (٢).
وإن لم يبق : فالعلم بالمدلول ـ مع عدم العلم بدلالة الدليل عليه ـ ممتنع ؛ لعدم تمييز ذلك الدليل ، عما ليس بدليل.
ولهذا المعنى يمتنع القسم الثانى وهو : أن لا يتوقف العلم بالمدلول ، على العلم بدلالة الدليل عليه.
الشبهة الثالثة عشرة : أن النظر الصحيح : إما أن يكون شرطا في حصول العلم بالمنظور فيه ، أو لا يكون شرطا.
فإن كان شرطا : فالشرط لا بد وأن يكون متحققا مع المشروط ؛ لاستحالة وجود المشروط دون شرطه ؛ وهو محال ؛ لما حققتموه من مضادة النظر للعلم بالمنظور فيه (٣).
__________________
(١) من أول (إما أن يكون معلوما ...) ساقط من ب.
(٢) راجع ما سبق ل ٨ / أوما بعدها.
(٣) انظر ل ١٥ / أ.