ومنهم من اكتفى فى المعرفة بمجرد الاعتقاد ، الموافق للمعتقد ؛ وإن لم يكن عن دليل ، وسماه علما.
وصار أبو هاشم ـ من المعتزلة ـ : إلى أن من لا يعرف الله ـ تعالى ـ بالدليل ؛ فهو كافر ؛ لأنّ ضد المعرفة النكرة (١). والنكرة كفر ؛ وأصحابنا مجمعون على خلافه.
وعلى هذا / إن قلنا : إن الواجب هو الاعتقاد الموافق للمعتقد ـ وإن لم يكن عن دليل ـ فلا يلزم من وجوب المعرفة بهذا التفسير ، وجوب النظر.
وإن قلنا : الواجب (٢) هو المعرفة المستندة إلى الدليل المفصل ؛ لزم عليه تقرير العوام على تركه ؛ فلم يبق إلا المعرفة بالدليل ، من جهة الجملة ، لا من جهة التفصيل ؛ وذلك مما لا يسلم انتفاؤه فى حق العوام حتى يقال بعدم وجوبه فى حقهم مع التقرير لهم عليه ؛ بل التقرير إنما هو على عدم المعرفة بالدليل المفصل ؛ وهو غير واجب على الأعيان عندنا ، وإليه ميل أبى المعالى ، وبه دفع الإشكال.
وأما إنكار إفضاء النظر إلى العلم ؛ فقد سبق جوابه (٣).
قولهم (٤) : لا نسلم توقف المعرفة على النظر.
قلنا : نحن إنما نقول بوجوب النظر فى حق من لم يحصل له العلم بالله تعالى بغير النظر ، وإلا فمن حصلت له المعرفة بالله تعالى بغير النظر ؛ فالنظر فى حقه غير واجب.
قولهم : لا نسلم أن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ؛ فقد أجاب عنه بعضهم ؛ بأنه لو لم يجب ما لا يتم الواجب إلا به ؛ فإيجاب ذلك الواجب يكون تكليفا بما لا يطاق (٥).
__________________
(١) ساقط من ب
(٢) فى ب (إن الواجب).
(٣) انظر ل ٢١ / ب وما بعدها.
(٤) نقل ابن تيمية ما ذكره الآمدي من أول قوله : «قولهم : لا نسلم توقف المعرفة إلى قوله فالنظر فى حقه غير واجب» وعلق عليه مؤيدا له ومستشهدا به (درء تعارض العقل والنقل ٧ / ٣٥٦).
(٥) زائد فى ب (قال شيخنا أبو الحسن الآمدي).