قولهم : متى يجب على المجتهد اتباع الإجماع ، إذا كان مصيبا ، أو مخطئا؟
قلنا : إذا ثبت الإصابة فيما أجمع عليه الأمة ؛ فقد أجمعوا على أنه يجب اتباع الإجماع مطلقا ، ويلزم أن يكون اتباع الإجماع صوابا ؛ فإذا كان صوابا ، كان خلافه خطأ. ويدل على وجوب اتباع الإجماع مطلقا ، ذم النبي (١) عليهالسلام (١) لمخالف الجماعة على ما سبق ، والاستقصاء فى هذا الباب لائق بأصول الأحكام.
قولهم : يحتمل أن واحدا من أهل الحل ، والعقد ، كان منقطعا فى بعض البلاد النائية.
قلنا : الغالب من حال من هو من أهل الحل والعقد ؛ أن يكون مشهورا معروفا ، ولا سيما فى العصر الأول ، لقلة المجتهدين فيه. وعند ذلك ؛ فالغالب معرفة مذهبه ، ومراجعته فى ذلك. كيف وأنه يحتمل غيبة المجتهد ، كما ذكروه ، ويحتمل عدم الغيبة والأصل عدم الغيبة ؛ فمن ادعاه يحتاج إلى الدليل (٢).
وما ذكروه فى الوجه الأول من التفصيل ـ وإن كان حقا ـ إلا أن القائل به مسبوق بالإجماع ، فكان حجة عليه.
وما ذكروه فى الوجه الثانى من التفصيل ؛ فغير مسلم ؛ وذلك لأن المعرفة الواجبة تنقسم إلى : ما حصولها عن معرفة الدليل من جهة الجملة ، لا من جهة التفصيل بأن لم يكن مقدورا على تحريره وتقريره ، والانفصال عن الشبهة الواردة عليه. وإلى ما حصولها عن الدليل المعلوم بجهة التفصيل المقدور على تحريره ، وتقريره ، ودفع الشبهة الواردة عليه ، وعلى المناظرة ؛ فلا جرم اختلف الأصحاب فيه.
فمنهم من قال : المعرفة بالاعتبار الأول : واجبة على الأعيان ، والمعرفة بالاعتبار الثانى : واجبة وجوب كفاية : إذا أضرب عنها الجميع أثموا ، وإن قام بها البعض ، سقطت عن الباقين.
ومنهم من قال : إن المعرفة بالاعتبار الثانى : واجبة على الأعيان ، لكن إن كان الاعتقاد موافقا للمعتقد. من غير دليل ، ولا شبهة ؛ فصاحبه مؤمن عاص بترك النظر الواجب.
__________________
(١) فى ب (صلىاللهعليهوسلم).
(٢) فى ب (دليل).