وإن سلمنا كون الاستقراء تاما ؛ ولكن لا يلزم منه أن يكون الوصف المشترك علة ؛ لجواز أن تكون العلة مركبة من أوصاف ؛ وهو بعضها ، وحيث وجد (١) الحكم عند وجوده ، يحتمل أن باقى أوصاف العلة كانت موجودة ؛ وبه كمال العلة. وحيث انتفى الحكم عند انتفائه ؛ كان لأنه بعض العلة.
وعند ذلك فلا يلزم من وجوده في الفرع ؛ وجود الحكم ؛ لجواز تخلف باقى أوصاف العلة ، أو بعضها.
وإن تعرض مع ذلك إلى بيان نفى وصف آخر غير المدار المذكور ؛ فسيأتى إبطاله في السبر والتقسيم.
كيف وأن الدوران وجودا وعدما ، متحقق في الطرفين ؛ فليس جعل أحد الدائرين علة للآخر باعتبار الدوران ، أولى من العكس ، وإن بين كون الوصف صالحا لإثبات الحكم ، والحكم / غير صالح لإثبات الوصف بطريق آخر ؛ فلا حاجة إلى الدّوران ، ولا إلى القياس على الأصل المذكور.
وأما السّبر والتّقسيم : فهو أن تحصر أوصاف محلّ الحكم المجمع عليه ، ويبطل التعليل بما عدا المستبقى ؛ وهو إنما يفيد كون الوصف علة ، بعد الحصر ؛ ولا دليل عليه غير البحث والسبر ، مع عدم الدليل على غير المستبقى ؛ وقد بينا أن ذلك لا يدل على عدمه في نفسه.
وإن سلم الحصر ؛ فلا بد من إبطال التعليل بكل واحد واحد (٢) من الأوصاف المحذوفة ، وإبطال كل رتبة تحصل من اجتماعهما ؛ ولا يكفى في إبطال المحذوف ، وتصحيح المستبقى ؛ ثبوت الحكم مع المستبقى في صورة ، وانتفاء المحذوف ؛ لجواز أن يكون الحكم معللا في صورتين بعلتين ، والوصف المستبقى مشترك بينهما.
هذا كله إن ذكر في التمثيل جامعا ، وإلا [فالحكم] (٣) تحكم محض ، ودعوى لا دليل عليها ، ويلزم القائل بذلك أن يعترف بصحة حكم من حكم بأن جميع الآدميين
__________________
(١) فى ب (حكم)
(٢) ساقط من (ب)
(٣) فى أ (فالجمع)