وأما الدّلالة : فقالوا : إذا دلّ قبول الحوادث شاهدا ، على استحالة تعرى القابل لها عنها ؛ لزم مثله في الغائب ؛ لأن شرط الدلالة الاطراد.
وزاد الأستاذ أبو إسحاق طريقا آخر فقال : كل أمرين ثبت تلازمهما في الشاهد ؛ لزم أن يتلازما غائبا. ولم يعتبر في ذلك جامعا.
وعند هذا فنقول :
أما الجمع بالحدّ ؛ فإن ثبت أنّ حدّ العالم : من قام به العلم ، وثبت أن مسمى العالم ، متحد في الغائب والشاهد ، فلا حاجة إلى القياس على الشاهد ، والاعتبار به ؛ لأنّ نسبة الحد إلى جميع مجارى المحدود واحدة ؛ فليس إلحاق البعض بالبعض أولى من العكس.
وإن لم يثبت الحدّ ، أو ثبت ؛ ولكن لم يثبت اتحاد مسمى العالم ؛ فالإلحاق متعذر.
وعلى هذا يكون الكلام في العلة والشرط ، ويزيد في العلة والشرط إشكال آخر : وهو احتمال كون العالم في الشاهد معللا بالعلم ، أو مشروطا به ؛ لكونه جائزا.
وهذا المعنى : غير موجود في الغائب ؛ فلا يلزم التعدية.
أو بمعنى آخر لم نطلع عليه ، ولا يلزم من عدم العلم به وبدليله ؛ العلم بعدمه كما سبق.
وبمثل هذا الاحتمال يمكن القدح في الطريقة الرابعة : وهو أن يقال : الدال على امتناع تعرى القابل للحوادث في الشاهد ، ليس مطلق قبول الحوادث ؛ بل قبول الجائز لها ، أو لمعنى آخر يخصه من حيث هو شاهد ، وبتقدير أن يكون ذلك لكونه قابلا للحوادث ؛ فلا حاجة إلى إلحاق الغائب بالشاهد. ولا بالعكس ؛ لتساوى الدلالة بالنسبة إليهما.
وأما طريقة الأستاذ أبى إسحاق : فيلزمه عليها : أن يكون البارى تعالى جوهرا ؛ ضرورة كونه قائما بنفسه ؛ لضرورة التلازم بينهما في الشاهد ؛ فإن كل قائم بنفسه في الشاهد جوهر ، وكل جوهر قائم / بنفسه ، ولا (١) محيص عنه (١).
__________________
(١) ساقط من (ب)