فإن كانت شفعا : فهى تصير وترا بزيادة واحد ، وإن كانت وترا : فهى تصير شفعا بزيادة واحد. واعواز (١) الواحد لما لا يتناهى محال.
وإن كانت شفعا ووترا ، فهى محال ؛ لأن الشفع ما يقبل الانقسام بمتساويين ، والوتر غير قابل لذلك ، والعدد الواحد لا يكون قابلا لذلك ، وغير قابل له.
وإن لم يكن شفعا ، ولا وترا : فيلزم منه وجود واسطة بين النفى والإثبات ؛ وهو محال.
وهذه المحالات ؛ إنما لزمت من القول بعدد لا نهاية له : فالقول به محال.
وهو من النمط الأول في الفساد ؛ لوجهين :
الأول : أنه قد لا يسلم استحالة الشفعية ، أو الوترية فيما لا نهاية له ، والقول بأن ما لا يتناهى ، لا يعوزه الواحد الّذي به يصير شفعا : إن كان وترا ، أو وترا : إن كان شفعا ؛ فدعوى مجردة ، ومحض استبعاد لا دليل عليه.
الوجه الثانى : أنه يلزم عليه عقود الحساب ، ومعلومات الله تعالى ومقدوراته ؛ فإنها غير متناهية إمكانا ، مع إمكان إجراء الدليل المذكور فيها.
الطريق (٢) الثالث :
أنه لو وجد اعداد لا نهاية لها : فكل واحد منها محصور بالوجود ؛ فالجملة محصورة بالوجود ، وما لا يتناهى ؛ لا ينحصر بحاصر أصلا.
وهو أيضا فاسد لثلاثة أوجه :
الأول : أنا لا نسلم أن الوجود زائد على الموجود. حتى يقال بكون الوجود حاصرا له ؛ بل الوجود هو ذات الموجود ، وعينه على ما يأتى (٣).
الثانى : وإن كان زائدا على كل واحد من آحاد الجملة ؛ فلا نسلم كونه حاصرا ؛ بل عارض مقارن لكل واحد من الآحاد ، والمعارض المقارن للشىء لا يكون حاصرا له.
__________________
(١) فى ب (واعزال)
(٢) انظر الفصل لابن حزم ١ / ١٥ وما بعدها ، وغاية المرام ص ١٢
ودرء التعارض ٣ / ٤٩ ، ٥٠ حيث ينقل ابن تيمية ما ورد هنا بنصه ، ويعتمد رده على الفلاسفة والمعتزلة ثم يرد عليه أخيرا من وجهة نظره.
(٣) انظر ل ٥١ / ب وما بعدها.