باعطاء درهم قبله ، وكذلك في إعطاء كل درهم يفرض ، إلى غير النهاية ؛ كان الإعطاء محالا.
الثالث : هو أن القول بتعاقب العلل والمعلولات ، يجر إلى تأثير العلة في معلولها بعد عدمها ، وتأثير المعدوم في الموجود محال.
وهذه الحجج مما لا ثبت لها :
أما الأولى : فلأنه لا يلزم من سبق العدم على كل واحد من الآحاد ، سبقه على الجملة ؛ فإن الحكم على الآحاد ، لا يلزم أن يكون حكما على الجملة ؛ كما سبق تحقيقه.
وأما الثانية : فإنما تلزم أن لو كان ما توقف عليه الوجود ـ وهو شرط في الوجود ـ غير موجود ؛ كما في المثال المذكور.
وأما إن كان موجودا : فلا يلزم امتناع وجود المشروط ، والقول بأن الشرط غير موجود ، محل النزاع ؛ فلا تقبل الدعوى به من غير دليل ..
وأما الثالثة : فإنما تلزم أيضا : أن لو كان معنى التعاقب ، وجود المعلول ، بعد عدم علته ؛ وليس كذلك ؛ بل معناه وجود المعلول متراخيا عن وجود علته ، مع بقاء علته موجودة / إلى حال وجوده وبقائه موجودا بعد عدم علته ، وكذلك في كل علة مع معلولها ؛ وذلك لا يلزم منه تأثير المعدوم في الموجود ، ولا أن تكون العلل والمعلولات موجودة معا. وذلك متصور في العلل الفاعلة بالاختيار.
والأقرب في ذلك أن يقال :
لو كانت العلل والمعلولات متعاقبة ، فكل واحد منها حادث ، لا محالة. وعند ذلك فلا يخلو : إما أن يقال بوجود شيء منها في الأزل ، أو لا بوجود شيء منها في الأزل.
فإن كان الأول : فهو ممتنع ؛ لأن الأزلى ، لا يكون مسبوقا بالعدم ، والحادث مسبوق بالعدم ، فلو كان شيء منها في الأزل ؛ لكان مسبوقا بالعدم ؛ ضرورة كونه حادثا ، وهو غير مسبوق بالعدم ؛ ضرورة كونه أزليا.