وإن كان قديما : فقد تجدد له صفة التأثير بعد أن لم يكن مؤثرا.
والكلام في تجدد صفة التأثير ، كالكلام في الأول ؛ ويلزم منه التسلسل ، أو الدور.
الوجه الحادى عشر : أنه لو افتقر الممكن إلى المرجح ؛ لما ترجح ممكن إلا بمرجح ، وليس كذلك : فإنّ العطشان ، إذا خيّر بين قدحين متساويين من كل وجه ؛ فإنه يختار أحدهما ، من غير سبب مرجح ؛ ضرورة فرض المساواة من كل وجه.
وكذلك القاصد إلى مكان معين ، إذا عرض له طريقان متساويان من كل وجه ؛ فإنه يسلك أحدهما من غير سبب مرجح ، مع تساويهما في الإمكان.
سلمنا أنه لا بدّ للوجود من مرجح ؛ ولكن ما المانع من كون المرجح لوجود الممكن ذاته ، لا على وجه ينتهى إلى حد الوجوب المانع من العدم ؛ بل بمعنى أن ذاته أولى بالوجود من العدم ، مع جواز فرض العدم؟
سلمنا أنه لا بدّ من مرجح خارج ؛ ولكن لا نسلم أنه لا بدّ وأن يكون وجوديا ؛ فإن وجود الممكن ، مقابل لعدمه ، فكما جاز أن يكون عدم علة الوجود مرجحا للعدم ، وعدم شرط الوجود مرجحا للعدم ؛ فما المانع أن يكون عدم علة العدم ، أو عدم شرط / العدم ؛ مرجحا للوجود؟
سلمنا (١) أنه يمتنع أن يكون مرجح الوجود عدميا ؛ ولكن ما المانع (١) من كونه غير موجود ، ولا معدوم : كما ذهب إليه الملاحدة؟
وبيان جواز ذلك : هو أن صفة الإمكان تابعة للماهية الممكنة ، ومعلولة بها من حيث هى : لا موجودة ، ولا معدومة ، فإن الماهية من حيث هى موجودة : يستحيل أن تكون ممكنة العدم ، ومن حيث هى معدومة : يستحيل أن تكون ممكنة الوجود ، وصفة الإمكان ثابتة للماهية بالنسبة إلى الطرفين ؛ فإذن علة صفة الإمكان للماهية من حيث هى ؛ لا موجودة ، ولا معدومة.
سلمنا أنه لا بدّ وأن يكون المرجح موجودا ؛ ولكن ما المانع من كونه ممكنا؟ ولم قلتم بامتناع التسلسل؟
__________________
(١) فى ب (سلمنا أنه لا بدّ من مرجح خارج ، وأنه يمتنع أن يكون عدميا ؛ ولكن لا نسلم أنه لا بدّ وأن يكون وجوديا وما المانع).