قال : وإذا ثبت أنه لا بدّ من وصف زائد يكون به التمايز بين ذات واجب الوجود ، وذوات الممكنات ؛ فلا جائز أن يكون التمايز بصفات سلبية مختصة بكل واحدة من الذوات ، أو ببعض الذوات دون البعض.
أما الأول : فلأن ما سلب عن إحدى الذاتين ، إن كان مسلوبا عن الذات الأخرى ؛ فلا تمايز. وإن لم يكن مسلوبا عن الذات الأخرى ؛ فالذات الأخرى مختصة بوصف ثبوتى ، لا سلبى.
وأما الثانى : فلأن الذوات متعددة متكثرة فإذا (١) اختص بعضها بالوصف الوجودى ، والبعض بسلبه. فإما أن يختص الواحد من الذوات (٢) بالثبوت ، والباقى بالسلب ، أو الواحد بالسلب ، والباقى بالثبوت.
وعلى كلا التقديرين ؛ فالتمايز : وإن حصل بين ما اختص بالثبوت والسلب ؛ فالتمايز بين الذوات المشتركة / فى الثبوت ، أو السلب ؛ ممتنع.
وأيضا : فإنه لو استغنت الذات ، من حيث إنها ذات عن الصفة مع اتحادها ؛ لما وقع الفرق بين ذات السواد ، وبين (٣) ذات البياض ، والجوهر ، والعرض ، ونحوه.
فإذن ما به التمايز وجودى.
ومن المتكلمين من قال : التمايز بالوصف الخاص ، إنما يكون عند الاشتراك بين (٤) الذوات في مسمى الذات والحقيقة (٤) ؛ وليس كذلك ؛ بل واجب الوجود مخالف بذاته وحقيقته لباقى الذوات ، ولا مشاركة بينه وبينها في غير التسمية. محتجا على ذلك بأنه : لو كان مسمى الذات متحدا ؛ لوجب الاشتراك بين واجب الوجود ، وممكن الوجود فيما هو ثابت بالذات لكل واحد منهما ؛ لأنه متى ثبت اقتضاء الذات لحكم لذاتها كان ذلك ثابتا لها مهما كانت ثابتة ، ويلزم من ذلك أن تكون ذات الممكن واجبة لذاتها ؛ ضرورة ثبوت ذلك لها في واجب الوجود ، وأن تكون ذات واجب الوجود ممكنة لذاتها ؛ ضرورة ثبوت ذلك في ممكن الوجود ؛ وكل ذلك محال.
__________________
(١) فى ب (فإن)
(٢) ساقط من (ب)
(٣) ساقط من ب.
(٤) فى ب (فى مسمى الذات بين الذوات)