إلى ما يعلل به كما في الشاهد ؛ فإن التحيز للجوهر ، وقبول الجوهر للعرض ، لما كان واجبا ؛ لم يفتقر إلى علة. وإنما المفتقر إلى العلة ؛ ما كان في نفسه جائزا غير واجب ، وذلك ككون العالم عالما في الشاهد ، وكالموجود (١) الحادث ونحوه.
قال بعض / الأصحاب (٢) :
قولكم : بأن الواجب (٣) لا يعلل ، والجائز هو المعلل ؛ منتقض في كلا الطرفين.
أما انتقاض طرف الجواز : فهو أن الوجود الحادث جائز ، وليس معللا.
وأما انتقاض طرف الوجوب : فهو أن كون العالم عالما في الشاهد ، بعد أن ثبت ، واجب ، وهو معلل ؛ ورده غير صحيح (٤).
أما قوله : الوجود الحادث جائز ، وليس معللا. إنما يلزم أن لو قيل : إن كل جائز معلل بالصفة ، وليس كذلك ؛ بل إنما قالوا : لا يعلل إلا الجائز ، ولا يلزم من كون التعليل لا يكون إلا للجائز ؛ أن يكون كل جائز معللا.
وأما قوله : بأن العالم في الشاهد ـ بعد أن ثبت كونه عالما ـ واجب وهو معلل ؛ فغير صحيح ؛ وذلك لأن الواجب ينقسم : إلى ما وجوبه بنفسه (٥) ، وإلى ما وجوبه مشروط بغيره.
فإن أريد به أنه واجب بالمعنى الأول : فقد ناقض ؛ حيث جعله معللا ، فإن الواجب بنفسه ما لا يفتقر في وجوده إلى غيره.
وإن أراد به الواجب (٦) بالمعنى الثانى : فلا يخرج عن كونه جائزا ؛ فإن كل ما وجوبه بغيره ؛ فهو جائز بنفسه ، على ما سبق (٧). وإذا (٨) كان جائزا ؛ فتعليله غير ممتنع.
__________________
(١) فى ب (وكوجود).
(٢) لعله إمام الحرمين الجوينى انظر الإرشاد ص ٨٤ وما بعدها.
(٣) فى ب (الواحد).
(٤) يرى الآمدي عدم صحة رد الجوينى ؛ بل إنه ينقضه ، ويتطوع في الرد عليهم نيابة عن المعتزلة. وذلك لإحساسه بضعفه ، وقصوره عن الإقناع ، ثم يرد عليهم شبههم مبطلا إياها.
(٥) فى ب (سلبه).
(٦) فى ب (أنه واجب).
(٧) انظر ل ٤١ / أ.
(٨) فى ب (وإن).