وإن لم يكن مرادا له ؛ فهو غير مختار في إيجاده.
الثامن : أنه لو كان موجدا بالقدرة : فإما أن يكون مريدا لما يوجده ، أو لا يكون مريدا لما يوجده.
فإن كان مريدا لما يوجده : فهو ممتنع ؛ لوجهين :
الأول : هو أن إرادته له : إما أن تكون سابقة على الحادث ، أو معه.
فإن كانت سابقة : فهى عزيمة ، والعزم إنما يتصور في حق من أجمع على شيء بعد تردده فيه ، وذلك في حق الله ـ تعالى ـ محال.
وإن كان وجودها مع وجود الحادث بها : فهى حادثة ؛ وهو محال.
الوجه الثانى : هو أنه لو كان مريدا لمقدوره : فإما أن تكون إرادته له (١) أولى (١) من [لا إرادة (٢)] أو لا تكون أولى له.
فإن لم تكن إرادته له أولى له : فليس إرادة الفعل أولى من الترك.
وإن كانت إرادته أولى به : فهو لا محالة يستفيد بإرادته له كمالا ، وبعدم الإرادة يفوت عليه ذلك الكمال ، ويلزم من ذلك أن يكون كمال الرب ـ تعالى مستفادا له من مخلوقه ؛ وهو محال.
وإن لم يكن مريدا لما يوجده ؛ فهو غير موجد بالاختيار.
التاسع : هو أن الإيجاد بالقدرة ، إما أن يكون العدم معه مقدورا ، أو لا.
لا جائز أن يقال بالأول : إذ القدرة صفة مؤثرة فتستدعى أثرا ، والعدم نفى محض ؛ فلا يكون أثرا للقدرة.
وإن قيل بالثانى : فهو غير موجود بالاختيار ؛ فإن الموجد بالاختيار : من صح منه الفعل بدلا عن الترك ، والترك بدلا عن الفعل.
__________________
(١) فى ب (الأولى).
(٢) فى أ (الإرادة).