خيّر ، ومريد الشّرّ ؛ شرّير ، والاتصاف بكونه شرّيرا ؛ من صفات القبح ؛ فلا يكون البارى ـ تعالى ـ متصفا به.
المحال الثالث : أن الله تعالى أمر بالطاعة ، ونهى عن المعصية ، ولعل ما أمر به لا يقع ، وما نهى عنه واقع. فلو كان مريدا لما وقع من المنهيات ، ولما لم يقع من الطاعات ؛ للزم أن يكون قد نهى عما أراد ، وأمر بما لم (١) يرد (١).
ولا يخفى ما في ذلك من التناقض ، وتكليف المحال ؛ فيجب تنزيه الرب ـ تعالى ـ عنه. كيف وقد ورد الكتاب العزيز بما يدرأ ذلك. وهو قوله ـ تعالى ـ (وَاللهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ) (٢) ، وقوله ـ تعالى ـ (وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ) (٣) ، وقوله ـ تعالى ـ (وَاللهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَواتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً) (٤)
وقوله ـ تعالى ـ : (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) (٥) وقوله ـ تعالى ـ (لا يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ) (٦) وقوله ـ تعالى ـ : (وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ) (٧) وقوله ـ تعالى ـ : (تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا وَاللهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ) (٨) وقوله ـ تعالى ـ : (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (٩) وقوله ـ تعالى ـ : (سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللهُ ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا) إلى قوله تعالى ـ (إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ) (١٠) حيث كذبهم في قولهم ، إلى غير ذلك من الظواهر التى يستقصى ذكرها في مسألة خلق الأعمال (١١).
سلمنا أنه مريد بإرادة وجودية قديمة قائمة بذاته ، وأنها متعلقة بجميع المتعلقات الجائزة ، ولكن لا نسلم أنها واحدة.
وإن سلمنا أنها واحدة ؛ فلا نسلم أنها غير متناهية في ذاتها ، ولا بالنظر إلى متعلقاتها.
__________________
(١) فى ب (لا يراد).
(٢) سورة البقرة ٢ / ٢٠٥.
(٣) سورة الزمر ٣٩ / ٧.
(٤) سورة النساء ٤ / ٣٧.
(٥) سورة البقرة ٢ / ١٨٥.
(٦) سورة النساء ٤ / ١٤٨.
(٧) سورة غافر ٤٠ / ٣١.
(٨) سورة الأنفال ٨ / ٦٧.
(٩) سورة الذاريات ٥١ / ٥٦.
(١٠) صححت الآية حيث كان أولها في أ ، ب (وقال الذين أشركوا ... الخ) وهى الآية رقم ١٤٨ من سورة الأنعام.
(١١) انظر ل ٢٥٧ / ب وما بعدها.