فإن كان الأول : فمن ضرورة تعلق القدرة بإيجاده ، وجوده على وفق ما تعلقت به القدرة. وإلا كان البارى ـ تعالى ـ عاجزا عنه ، وإذا لزم وجوده من ضرورة تعلق القدرة به ؛ فلا حاجة إلى الإرادة.
وإن كان الثانى : فهو ممتنع التحقق ، ولا فائدة في الإرادة.
وعند ذلك فالواجب (١) تفسير المخصص بالعلم ، والقدرة ، كما ذهب إليه النّظام ، والكعبى من المعتزلة.
الحجة الرابعة : هو أن الإرادة : إما أن تكون حادثة ، أو قديمة.
فإن كانت حادثة : فهو محال ؛ لما سبق.
وإن كانت قديمة : فهو ممتنع لوجهين :
الأول : أنه إذا كانت الإرادة قديمة ؛ فهى سابقة على الحادث ، والإرادة السابقة على الحادث عزم ، والعزم لا يتصور إلا في حق من أجمع على شيء بعد تردده ، وفكره فيه ؛ وهو محال في حق الله ـ تعالى ـ.
الثانى : أنها لو كانت قديمة نفسانية ؛ لوجب تعلقها بجميع الجائزات من أفعاله ، وأفعال العباد ؛ فإن نسبة القديم إلى سائر الجائزات نسبة واحدة.
/ وعند ذلك : فليس تعلقه بالبعض ، أولى من البعض الآخر ؛ ضرورة التساوى في النسبة ، ويلزم من تعلقه بجميع الجائزات ، محالات ثلاثة :
المحال الأول : أنه يلزم منه تعلقها بوجود كل شيء جائز (٢) ، أو بعدمه ، وبسكون كل جوهر ، وبحركته (٢) ؛ ضرورة جواز الكل ، ويلزم من ذلك اجتماع الوجود ، والعدم ، والحركة ، والسكون في شيء واحد معا ؛ وهو (٣) محال.
المحال الثانى : أن العالم مشتمل على خيرات وشرور فلو تعلقت إرادته بالجميع ؛ لكونه جائزا ؛ فيلزم منه أن يكون خيرا ، شريرا ؛ لما تقرر في العقول : أن مريد الخير ؛
__________________
(١) فى ب (فالجواب).
(٢) فى ب (جائز وبعدمه وسكون كل جوهر وحركته).
(٣) فى ب (وذلك).