الثانى : أنه يلزم منه الدور من جهة أن التخصيص متوقف على تعلق الإرادة به ، وتعلق الإرادة به وصف إضافى بين الإرادة وتخصيص الحادث ؛ فيكون متوقفا على التخصيص ؛ لأن النسبة متوقفة على المنسوب ، والمنسوب إليه ؛ وذلك يوجب توقف تعلق الإرادة على التخصيص ، وتوقف التخصيص علي تعلق الإرادة ؛ وهو دور.
الثالث : هو أن تعلق الإرادة بالتخصيص : إما أن يكون قديما ، أو حادثا.
فإن كان قديما : لزم من قدمه قدم التخصيص ؛ وهو محال.
وإن كان حادثا : فإما أن يتوقف على مخصص آخر ، أو لا يتوقف.
فإن كان الأول : لزم التسلسل ، أو الدور ؛ وهو ممتنع.
وإن كان الثانى : لزم تخصيص الجائز لا بمخصص ؛ وهو محال ، ولو جاز ذلك ؛ لجاز في كل حادث.
هذا كله إن توقف التخصيص على تعلق الإرادة / به.
وإن لم يكن متوقفا عليها : لم يكن تخصيص بعض الجائزات بالإرادة دون البعض أولى من الآخر ؛ ضرورة التساوى في عدم تعلق الإرادة بكل واحد منها.
الحجة الثانية : أنه لا يخلو : إما أن يكون البارى ـ تعالى ـ عالما بحدوث الحادث في وقت حدوثه على الوجه الّذي حدث عليه ، أو لا يكون عالما به.
لا (١) جائز أن يكون غير عالم به (١) : وإلا لكان جاهلا بعواقب الأمور ؛ وهو على الله ـ تعالى ـ محال.
وإن كان عالما به : فيلزم من ذلك وقوع الحادث على وفق ما تعلق به العلم ؛ وإلا كان علمه جهلا ؛ وهو محال.
وعند ذلك : فلا حاجة إلى الإرادة.
الحجة الثالثة : إن قدرة الرب ـ تعالى ـ إما أن تكون متعلقة بإيجاد (٢) الحادث (٢) ، أو لا تكون متعلقة بإيجاده.
__________________
(١) فى ب (لا جائز أن لا يكون عالما به).
(٢) فى ب (بإيجاده).