لذاته ، وعالم بها ؛ فيجب أن يكون عاقلا لما وجوده من وجوده ؛ لأنه إذا علم ذاته ، وذاته مبدأ ، لما وجوده بوجوده بالذات ؛ فيجب أن يكون عالما ، بأن ذاته مبدأ لغيره. ومتى علم أن ذاته مبدأ لغيره ؛ فلا بد وأن يكون عالما بذلك الغير ؛ لأن العلم بكونه مبدأ لذلك الغير ، علم بمعنى إضافى بين ذاته ، وما وجب عنه. ولا تحقق لذلك دون العلم بالمضافين ، ويلزم من علمه بذلك الغير ؛ علمه بما صدر عن ذلك الغير ، وهكذا على الترتيب النازل من عنده طولا ، وعرضا ، إلى (١) ما لا يتناهى (١).
المنهج الثانى : أنه بيّن كون الرب ـ تعالى ـ عالما بغيره ، ثم بيّن أن علمه بغيره يستلزم كونه عالما بذاته.
فقال : إن علم غيره ؛ علم (٢) ذاته ، وقد علم غيره ؛ فيلزم أن يكون عالما بذاته (٢).
وبيان أنه يلزم من علمه بغيره ، علمه بذاته : أن من علم شيئا ؛ فلا بد وأن يعلم أنه عالم بذلك الشيء ، وعلمه بأنه عالم بذلك الشيء : علم بصفة له ؛ وهو كونه عالما.
والعلم بالصفة ، يستدعى العلم بالموصوف ؛ ضرورة.
وإذا ثبت أنه يلزم من علمه بغيره ؛ علمه بذاته : فبيان أنه عالم بغيره هو أن واجب الوجود مجرد (٣) عن المادة (٣) ، وعلائقها. وطبيعة الوجود من حيث هو طبيعة الوجود ؛ غير ممتنع عليه أن يعلم ، ويعقل.
وإنما يفرض له أن لا يعلم ؛ بسبب كونه فى المادة ، ومتعلقا (٤) بعلائق المادة ، وواجب الوجود ليس في المادة ، ولا له تعلق بعلائق المادة كما يأتى ؛ فلا يمتنع عليه أن يعلم ، ويعقل. وكل ما لا يمتنع عليه أن يكون معلوما ، بانفراده لا يمتنع عليه أن يكون / معلوما مع غيره من المجردات ؛ فواجب الوجود لا يمتنع عليه أن يكون معلوما مع غيره ، وكل ما لا يمتنع تعقله مع غيره ؛ فلا تمتنع مقارنة ماهيته لماهية ذلك الغير في العقل.
__________________
(١) ساقط من ب.
(٢) فى ب (فقد علم ذاته ؛ فيكون عالما بذاته).
(٣) فى ب (موجود مجرد عن المساواة).
(٤) فى ب (ومتعلقاتها).