يصح إطلاقه مع التعقل (١) ومع الملازمة من غير تعقل ؛ فلا (٢) يلزم التعقل (٢).
الرابع : وإن (٣) سلمنا أنه عالم بذاته ؛ ولكن لا يلزم من كونه عالما بذاته : أن يكون عالما بما ذاته مبدأ له. اللهم إلا أن يعلم ذاته من حيث هى مبدأ لغيره ، وعلمه بأنها مبدأ يزيد (٤) على العلم بذاته ، ولهذا يصح العلم بالذات ، والجهل بكونها مبدأ ، وتوصف الذات بكونها مبدأ ؛ والمعلوم غير المجهول ، والصفة غير الموصوف. /
وعند ذلك : فلا يلزم من كونه عالما بذاته ، أن يكون عالما بما لها من الصفات ، وإلا كان كل من علم شيئا : علم ما هو ملازم له ، ويلزم من ذلك أن يكون العلم لنا بالله ـ تعالى ـ ، علما بكل ما صدر عنه ولزمه ، وكذا يلزم أن يكون علمنا ببعض المخلوقات ، علما بجميع صفاته ومباديه ؛ وهو محال.
وأما المسلك الثانى : فمن سبعة أوجه :
الأول : هو أنا لا نسلم أنه يعلم غيره.
قولهم : إن واجب الوجود موجود مجرد عن المادة وعلائقها ؛ مسلم. ولكن لم قالوا بأنه يكون عالما بغيره؟
قولهم : لأن طبيعة الوجود من حيث هو كذلك : غير ممتنع عليه أن يعلم. لا نسلم ذلك ، ولا يلزم من جواز علمنا ببعض الموجودات ، جواز العلم بكل موجود ، إلا أن يثبت أن طبيعة الوجود مشتركة بين الموجودات ؛ وهو غير مسلم على ما سبق (٥).
الثانى : وإن سلم (٦) أن طبيعة الوجود غير ممتنع عليها أن يعلم ويعقل ؛ ولكن مع وجود المانع أو مع عدمه ـ الأول : ممنوع. والثانى : مسلم ؛ فلم قالوا بانتفاء المانع؟
قولهم : المانع المادة ، وعلائقها. لا نسلم الحصر ؛ ولا طريق إلى بيان ذلك إلا بالبحث ، وعدم الاطلاع على غيره ؛ وهو غير يقينى.
__________________
(١) فى ب (وهو).
(٢) فى ب (فلا للتعقل).
(٣) فى ب (قد).
(٤) فى ب (لا يزيد).
(٥) انظر ل ٥٠ / ب.
(٦) فى ب (سلمنا).