أما قولهم : إنه يتصور العلم بأحد المعلومين مع الشك في الآخر ؛ فذلك إنما يرجع إلى تعلق العلم بأحد المعلومين دون الآخر ، لا إلى نفس العلم.
وقولهم : إن العلم بأحد المعلومين لا يقوم مقام العلم بالآخر.
قلنا : العلم بأحدهما هو العلم بالآخر ، وإنما الّذي لا يقوم فيه أحد الأمرين مقام الآخر ، إنما هو التعلق ؛ فإن تعلق العلم بالسواد ، لا يقوم مقام تعلق العلم بالبياض ، ولا نزاع في تعدده.
وقولهم : إن العلم بأحد الشيئين قد يكون مشروطا بخلاف الآخر.
قلنا : المشروط إنما هو التعلق أيضا دون العلم المتعلق ، وما ذكروه في تفسير العلم بالانطباع ؛ فقد سبق جوابه.
قولهم : لا نسلم صحة تعلقه بكل ما يصح أن يعلم.
قلنا : لو قدرنا عدم تعلقه بشيء من الأشياء التى يصح أن تكون معلومة ؛ لكان جاهلا ؛ لما تقدم تقريره ، والجهل على الله ـ تعالى ـ محال. وبه الدلالة على تعلقه بالفعل بجميع المتعلقات معا ، لا على سبيل البدل ؛ فإنا لو قدرنا عدم تعلقه بالفعل بها ، أو ببعضها ؛ لكان جاهلا بما لم يتعلق علمه به حالة عدم تعلق (١) علمه به (١) ؛ وهو محال كما سبق (٢).
قولهم : ما يصح أن يعلم ؛ غير متناه.
قلنا : هو غير متناه إمكانا ، لا أنه غير متناه بالفعل. ونحن وإن منعنا القول بعدم النهاية في الموجودات العينية ؛ فلا نمنعه في الأمور الإمكانية ؛ بل ذلك موضع الإجماع.
قولهم : يلزم من ذلك أن يكون عالما بكونه عالما ، وهلم جرا.
قلنا : لا يوجب ذلك تعدد العلم في نفسه ؛ بل تعدد التعلق ، والمتعلق ، وذلك وإن أفضى إلى غير النهاية إلا / أنه في طرف الاستقبال ، وما لا نهاية له في طرف الاستقبال ؛
__________________
(١) فى ب (تعلقه به).
(٢) انظر ل ٧٦ / أ.