قول العرب قرأت الناقة لبنها في ضرعها ؛ أى جمعته. ومنه قوله ـ تعالى ـ (إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ) (١).
ولو لا ذلك لما تصور أن يسمعه موسى ـ عليهالسلام ـ ؛ وقد سمعه.
وأيضا فإنهم أجمعوا على أن القرآن. منزل مقرؤ بألسنتنا ، محفوظ في صدورنا ، مسطور في مصاحفنا ، ملموس بأيدينا ، مسموع بآذاننا ، منظور بأعيننا ؛ ولذلك وجب احترام المصحف ، وتبجيله حتى أنه لا يجوز للمحدث حمله ، ولمسه ، والتقرب إليه ، ولا للجنب تلاوته ، وقد وردت أيضا الظواهر من الكتاب ، والسنة بما يدل على كونه (٢) مسموعا ، وملموسا (٢) ، وأنه بحرف وصوت ؛ فمن ذلك قوله ـ تعالى ـ (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ) (٣) وقوله ـ تعالى ـ (لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) (٤). وقول النبي ـ عليهالسلام ـ «لا تسافروا بالقرآن إلى أرض العدوّ فتناله أيديهم» (٥). وقوله ـ عليهالسلام «إذا تكلّم الله بالوحى سمع صوته كجرّ السّلسلة على الصّفا» (٦) ، وقوله ـ عليهالسلام ـ «من قرأ القرآن وأعربه فله بكلّ حرف منه عشر حسنات (٧)» إلى غير ذلك من الظواهر ، وذلك كله دليل الحدوث.
وأيضا : فإن الإجماع منعقد / على أن القرآن معجزة الرسول ، والبرهان الدال على صدقه. ومعجزة الرسول يجب أن تكون من الأفعال الخارقة للعادة ، المقارنة لتحديه بالرسالة ؛ فإنه لو كان المعجز قديما أزليا ؛ لم يكن ذلك مختصا ببعض المخلوقين ، دون البعض ؛ إذ القديم لا اختصاص له بواحد دون واحد.
__________________
(١) سورة القيامة) ٧٥ / ١٧.
(٢) فى ب (ملموسا ومسموعا).
(٣) سورة التوبة ٩ / ٦.
(٤) سورة الواقعة ٥٦ / ٧٩.
(٥) روى النووى في (رياض الصالحين ـ ط صبيح ص ٢٦٢ باب (النهى عن المسافرة بالمصحف إلى بلاد الكفار إذا خيف وقوعه بأيدى العدو)
عن ابن عمر رضى الله عنهما قال : نهى رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو) متفق عليه. هكذا أورده النووى ، ولعل الزيادة التى ذكرها الآمدي في رواية أخرى.
(٦) روى البخارى في صحيحه عن مسروق عن ابن مسعود (إذا تكلم الله بالوحى سمع أهل السموات شيئا ، فإذا نزع عن قلوبهم ، وسكن الصوت ، عرفوا أنه الحق ، ونادوا ما ذا قال ربكم قالوا الحق). (صحيح البخارى ٩ / ١٧٢ ، ١٧٣).
(٧) وردت عدة أحاديث بهذا المعنى في رياض الصالحين للنووى (باب فضل قراءة القرآن) ص ١٦٥ وما بعدها.
وبعض هذه الأحاديث صحيح.