وأما من جهة المعنى : فهو أنه فسر أمره بقوله : (كُنْ) ، وكن مركب من حرفين مترتبين ؛ وذلك في غير الحادث محال.
سلمنا دلالة / ما ذكرتموه على قدم الأمر ؛ ولكنه استدلال بالكلام على الكلام ، وإثبات الشيء بنفسه ممتنع.
سلمنا صحة الاستدلال به ؛ ولكنه معارض بما يدل على كون القرآن محدثا ، وبيانه من جهة النص ، والإجماع ، والمعنى.
أما من جهة النص : فقوله ـ تعالى ـ : (ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ) (١). والذكر هو القرآن بدليل قوله ـ تعالى ـ (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) (٢).
وأيضا قوله ـ تعالى ـ (اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ) (٣). وقوله ـ تعالى ـ (إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا) (٤). وقوله ـ تعالى ـ (وَكانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً) (٥) والجعل ، والفعل ؛ دليل الحدوث.
وأيضا (٦) ما روى عنه عليهالسلام. أنه قال : «كان الله ولا شيء ثم خلق الذّكر». وأيضا ما روى عنه ـ عليه الصلاة والسلام ـ أنه قال : «ما خلق الله شيئا أعظم من آية الكرسى (٦)». وما روى عنه عليهالسلام أنه كان يقول : «يا ربّ طه ، ويس ، وربّ القرآن العظيم» (٧).
وأما من جهة الإجماع : فهو أن الأمة من السلف مجمعة على أن القرآن مؤلف من الحروف ، والأصوات ، ومجموع من سور ، وآيات ، ومن ذلك سمى قرآنا ، أخذا من
__________________
(١) سورة الأنبياء ٢١ / ٢.
(٢) سورة الحجر ١٥ / ٩.
(٣) سورة الزمر ٣٩ / ٢٣.
(٤) سورة الزخرف ٤٣ / ٣.
(٥) سورة الأحزاب ٣٣ / ٣٧.
(٦) حدث تقديم وتأخير في ب (وأيضا ما روى عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : «ما خلق الله أعظم من آية الكرسى». وما روى عنه عليهالسلام أنه قال : «كان الله ولا شيء ثم خلق الذكر».
(٧) أورده السيوطى في تخريجه لأحاديث شرح المواقف بالترتيب الآتى : (يا رب القرآن العظيم ، ويا رب طه ويس) وقال : لم أقف عليه.
انظر المخطوطة رقم ١٣٠ مجاميع ورقة ٢١٤ بمكتبة الأزهر.