قلنا : الإجماع إنما انعقد على ذلك بمعنى القراءة لا بمعنى المقروء ، وإليه الإشارة بقوله ـ تعالى (إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ) (١).
قولهم : ولو لا ذلك لما تصور أن يسمعه موسى عليهالسلام.
قلنا : السماع قد يطلق على الإدراك بحاسة الأذن ، وقد يطلق بمعنى الانقياد ، والطاعة ، وقد يطلق بمعنى الفهم ، والإحاطة ؛ ومنه يقال : سمعت كلام فلان ، أى فهمته.
وعند ذلك فمن الجائز / أن يكون سماع موسى ـ عليهالسلام ـ لكلام الله ـ تعالى ـ القديم القائم بنفسه ؛ بمعنى : أنه خلق له فهمه ، والعلم به : إما بواسطة ، أو بغير واسطة ؛ وذلك المسموع لا يستدعى أن يكون حرفا ، ولا صوتا.
قولهم : إن الأمة مجمعة على أن القرآن منزل مقرؤ بألسنتنا محفوظ في صدورنا ، إلى آخر ما قالوه (٢).
قلنا : ما أجمعوا على كونه منزلا ، إنما هو العبارات الدالة على المعنى القديم ، لا نفس المعنى القديم.
وأما كونه مقروءا بألسنتنا : فمعناه أنه مدلول للقراءة القائمة بألسنتنا ، والقراءة مخلوقة قائمة بألسنتنا. ولا يلزم من حدوث القراءة ، وقيامها [بنا (٣)] أن يكون المقروء كذلك ؛ فإن القراءة ، والمقروء بمنزلة الذكر ، والمذكور.
ومن ذكر الله ـ تعالى ـ بلسانه ؛ فذكره حادث قائم به دون الله ـ تعالى ـ ، وكما لا يلزم ذلك (٤) فى الذكر ، والمذكور ؛ فكذلك في القراءة والمقروء.
وعلى هذا التحقيق يكون الكلام في الحفظ ، والمحفوظ ، والكتابة ، والمكتوب. ثم كيف يكون المكتوب حالا فيما فيه الكتابة؟ والله ـ تعالى ـ مكتوب في المصاحف ؛
__________________
(١) سورة القيامة ٧٥ / ١٧.
(٢) فى ب (ما قرروه).
(٣) فى أ (بيان).
(٤) ساقط من ب.