والسماع لمعنى خارج عن ذلك ؛ فهو مباهت. كمن ادعى أنه يرى مع الجواهر ، والأعراض القائمة بها ما يخالفها.
فإن قيل : لو كانت الحروف أصواتا ؛ لكانت موصوفة بالارتفاع والانخفاض ، والحسن وضده ، وغير ذلك من صفات الأصوات / ؛ وليس كذلك.
فنقول : لا بدّ في اتصاف الحرف بذلك من حيث هو صوت ، وإن لم يكن متصفا به من حيث أنه مقطع الصوت.
وقوله : إنه إذا قرأ القارئ آية قام كلام الله ـ تعالى ـ بنفسه. وكلام (١) له مثل كلام الله بنفسه أيضا متولد من قراءته ؛ فبطلانه ببطلان القول بالتولد كما سيأتى (٢) إن شاء الله ـ تعالى ـ
وأما كون القرآن مسموعا بحاسة الأذن ؛ فقد اختلف (٣) أصحابنا فيه (٣).
فأصل شيخنا رحمهالله : أنه يجوز تعلق كل إدراك بكل موجود. وعلى هذا فلا يمتنع سماع كلام الله القديم بحاسة الأذن.
وذهب عبد الله بن سعيد : إلى أن إدراك السمع لا يتعلق بغير الأصوات.
وعلى هذا فالمجمع على كونه مسموعا ، إنما هو القرآن بمعنى القراءة على ما تقدم ، وهو المراد من سماع موسى لكلام الله تعالى.
ومن أصحابنا : من زعم أن المسموع هو المتكلم ، دون الكلام. وهو مردود بما تدركه ضرورة من صوت المتكلم عند كلامه.
وأما الملموس المنظور إليه بالأعين ؛ فليس هو المقروء ، والأصوات ، والحروف المنتظمة منها بالإجماع. وإنما هو الكتابة الدالة على القرآن القديم.
ولا يلزم من حدوثها ، حدوث مدلولها. وما أجمع عليه أنه مركب من الحروف والأصوات ؛ فإنما هو القرآن بمعنى القراءة. لا نفس المقروء على ما تقدم.
__________________
(١) مكررة في أواحداهما زائدة. أما في ب فقد وردت صحيحة.
(٢) انظر ل ٢٧٣ / أوما بعدها.
(٣) فى ب (فيه أصحابنا).