فإن قالوا : دليل وقوعها كونها مقدورة لله ـ تعالى ـ ؛ فيلزم أن يكون كل مقدور واقع ؛ وهو محال.
وإن قالوا : طريقنا ليس إلا قول الأنبياء الذين دلت المعجزة (١) على صدقهم ، وقد قالوا. إن الله ـ تعالى ـ متكلم بأمر ، ونهى ، وغيرهما.
قلنا : فلو لم يبعث الله ـ تعالى ـ رسولا ، فعندكم أنه يجب على العاقل معرفة الله ـ تعالى ـ معرفة تتعلق بذاته وصفاته.
/ فكيف يعرف كونه متكلما ؛ وذلك لا يعرف إلا بالرسول ، ولا رسول ؛ فلا بد لهم من المناقضة في أحد أمرين : إما في القول بإيجاب المعرفة بالعقل. وإما في القول بأن المعرفة منوطة بالرسول.
وهذه المحالات : إنما لزمت من القول بأن المتكلم من فعل الكلام ؛ فالقول به ممتنع.
ولا سبيل إلى القول بالثالث ؛ لما سبق في الإرادة.
فلم يبق إلا الاختصاص. بمعنى القيام به.
وعند ذلك. فإما أن يكون قديما ، أو حادثا.
لا جائز أن يكون حادثا : وإلا كان الرب ـ تعالى ـ محلا للحوادث ؛ وهو محال ، كما سيأتى (٢) ؛ فلم يبق إلا أن يكون قديما.
وهو ضعيف أيضا : فإنه وإن سلم اتفاق المسلمين على كونه متكلما بكلام ؛ لكن للخصم أن يقول : إنما وافقت على كونه متكلما بكلام ، بمعنى أنه خالق للكلام.
وعند هذا فمنازعته. إما في تحقيق هذا المعنى وجوازه ، أو في إطلاق اسم المتكلم بهذا الاعتبار.
__________________
(١) فى ب (المعجزات).
(٢) انظر ل ١٤٦ / أوما بعدها.