وأما منع إحالة الخلو من الأضداد ؛ فقد سبق جوابه في مسألة الكلام (١).
وأما الأصحاب (٢) : فقد استدلوا على موقع المنع من أربعة أوجه :
الأول : أن الاتفاق واقع على أن المحل بعد اتصافه ببعض الصفات لا يخلو عنها إلا بضدها. فإما أن يكون ذلك لازما ، أو لا يكون لازما.
فإن لم يكن لازما : جاز أن لا يقع ؛ وهو خلاف الإجماع ،
وإن كان لازما : فاللزوم إما لنفس الذات ، أو للازم الذات.
وعلى كلا التقديرين يلزم استمرار هذا الحكم بدوام الذات.
الثانى : أنه لو جاز خلو المحل عن جميع الأضداد : فإما أن يكون التعاقب بينهما واجبا ، أو لا يكون واجبا.
فإن كان غير واجب : فلا يمتنع وجودهما معا ؛ وهو محال. وإن كان التعاقب واجبا ؛ فهو المطلوب.
الثالث : هو أن المحل لو جاز خلوه عن الأضداد : فإما أن يكون ذلك لذاته ، أو لمعنى.
فإن كان الأول فيلزم منه امتناع اتصافه بواحد منها ؛ وهو محال.
وإن كان الثانى : فيلزم أن يكون متصفا ببعض الأضداد حالة خلوه عنها ؛ وهو محال.
الرابع : أنه لو جاز خلو المحل عن جميع الأضداد ؛ لامتنعت الدلالة على استحالة حلول الحوادث بذات الرب تعالى ؛ إذ لا طريق إلى ذلك غير قولنا : لو جاز أن يكون محلا للحوادث ، لما خلا عنها ، أو عن أضدادها في الأزل ؛ وهو ممتنع ؛ لما فيه من وجود حوادث متعاقبة إلى غير النهاية.
ويمكن أن يجاب عن الأول : بأنه لا مانع أن يكون ذلك من لوازم اتصاف المحل بالصفة ، لا أنه من لوازم الذات ، ولا لازم الذات.
__________________
(١) انظر ل ٩٠ / أالجواب عن السؤال الرابع.
(٢) ذكر الآمدي استدلال الأصحاب على موقع المنع ثم رد عليهم.