الأصوات الشديدة كالبوقات ، وغيرها ، والانقباض والانبساط من بعض (١) المشمومات والمطعومات (١) ، والملموسات.
قلنا : أما الأول : فمندفع ، وذلك أنا لو رأينا جرما صغيرا ، ثم غمزنا العين عنه ؛ فإنا نبقى عالمين به على ما رأيناه.
ثم إذا فتحنا العين نحوه مرة ثانية ؛ فإنا نجد من أنفسنا حصول أمر زائد على ما كان معلوما لنا منه حالة غمز العين عنه ، ونجد تفرقة ضرورية بين الحالتين. فما نجده من الحالة الثانية : هو / المعنى بالمدركية ؛ فإن سميت تلك الحالة عالمية ؛ فهو نزاع في اللفظ ، لا في المعنى.
وقولهم : ما المانع من عود التفرقة إلى تأثير الحاسة؟
قلنا : ليس كذلك ؛ فإن الحاسة وإن كانت قابلة للتأثير كما ذكروه. إلا أن ما نجده من أنفسنا عند الإحساس بالشيء بعد العلم به ، إنما هو عائد إلى زيادة كشف ، وإحاطة بالشيء (٢) المحسوس (٢) ، بالنسبة إلى حالة كونه معلوما ؛ وذلك وجدان لا مراء فيه.
الوجه الثانى : هو أنا نجد من أنفسنا ، الكراهة لرؤية بعض الصور دون العلم بها ؛ وذلك دليل على الاختلاف بين المدركية ، والعالمية. (ومع (٣)) هذا الاختلاف ، فلا مبالاة بالمنازعة ، في تسمية المدركية نوعا من العالمية.
الوجه الثالث : هو (٤) أن العالمية باتفاق العقلاء يجوز تعلقها بكل موجود (٤) ، والمدركية الحاصلة بكل واحدة من الحواس عند الخصوم ، وعند بعض أصحابنا ؛ لا تتعلق بكل موجود ؛ وهو دليل الاختلاف.
الرابع : أنه قد يعلم ما لا يدرك : كالعلم بالمعدومات. وقد يدرك ما لا يعلم : كمن يرى شيئا وهو منغمس في سهوه ، ووسواسه ؛ فإنه مع رؤيته للشىء ؛ لا يكون عالما به ؛ وهو دليل الاختلاف.
__________________
(١) فى ب (المطعومات والمشمومات).
(٢) فى ب (شيء).
(٣) فى أ (مع).
(٤) فى ب (أن العالمية يجوز تعقلها بكل معلوم).