وأما الإشكال على الحجة الثانية ، فضعيف جدا.
سلمنا وجوب حصول المدركية ؛ ولكن لا نسلم امتناع تعليلها بالإدراك.
قولهم : إما أن يكون الإدراك ملازما لهذه الشروط ، أو لا؟.
قلنا : غير لازم (١) ، وإن كان لازما (١) / ؛ فما المانع منه؟
قولهم : يلزم منه أن تكون تلك الشروط علة للإدراك نظرا إلى الدوران ؛ فهو (٢) باطل (٢) بما سبق في قاعدة الدليل (٣).
قولهم : لو كانت المدركية معللة بمعنى ؛ لجاز تحقق المدركية عند وجود ذلك المعنى ، وإن عدمت الشروط ، فأن (٤) لا توجد مع وجود هذه الشروط مع انتفاء ذلك المعنى ؛ وهو محال. إنما يصح أن لو تصور الانفكاك بين المعنى ، واجتماع تلك الشروط ؛ وهو غير مسلم.
قولهم : إنه يلزم من ملازمة المعنى لهذه الشروط ، أن يكون بينهما تعلق ؛ مسلم.
قولهم : التعلق إما بجهة العلية ، أو الاشتراط ، لا نسلم الحصر ؛ بل التعلق أمر أعم من القسمين ، ولهذا يتصور التلازم بين المضافين ، وإن لم يكن التعلق بينهما لا بجهة العلية ، ولا الاشتراط ، وكذلك التلازم بين المعلولات لعلة واحدة ؛ فإنه خارج عن تعلق العلة ، والشرط.
سلمنا الحصر ؛ ولكن لا نسلم الامتناع من ذلك.
قولهم : إن كان المعنى مشروطا بتلك الشروط ؛ فلا يمتنع وجود الشرط دون المشروط.
قلنا : لا نسلم أن ذلك غير ممتنع على الإطلاق في كل شرط ومشروط ، ولهذا وقع الاتفاق على أن يكون الباري ـ تعالى ـ حيا شرط لكونه عالما ، وقادرا ، ولا انفكاك لأحدهما عن الآخر.
__________________
(١) فى ب (ملازما وإن كان ملازما).
(٢) فى ب (فباطل).
(٣) انظر ل ٣٧ / ب وما بعدها.
(٤) فى ب (وأن).