وإذا كان حيا ؛ فالحىّ عبارة عمن قامت (١) به الحياة ؛ والحد لا يختلف شاهدا ، ولا غائبا ؛ فيجب أن يكون البارى ـ تعالى ـ حيا بحياة.
وهو ضعيف ؛ لما سبق من إبطال الحاق الغائب / بالشاهد (٢).
المسلك الثانى :
قالوا : الذوات منقسمة : إلى ما يصح عليها أن يعلم ويقدر ، وإلى ما لا يصح عليها ذلك. وهذه التفرقة تستدعى مميزا ؛ وذلك المميز الّذي به صح على بعض الذوات أن تكون عالمة قادرة ؛ هو المعنى بصفة الحياة ، والرب ـ تعالى ـ يصح عليه أن يكون عالما ، قادرا ؛ فكان حيا بحياة.
وهو باطل أيضا ؛ فإن الذوات مختلفة عندنا ، وعند أكثر العقلاء.
وعند ذلك : فلا يمتنع أن تكون صحة قبول القادرية ، والعالمية مستندة إلى نفس الذات ؛ لا إلى أمر خارج عنها.
المسلك الثالث :
قال بعض المتأخرين (٣) : أجمعنا على كون الرب ـ تعالى ـ حيا. فقولكم : الحى هو الّذي لا يمتنع عليه أن يعلم ويقدر ، إشارة إلى سلب الامتناع ، والامتناع سلب للسلب ؛ فيكون أمرا ثبوتيا.
وهذا الأمر الثبوتى ، ليس هو نفس الذات ؛ فإنا نعلم ذات واجب الوجود ، وقد نجهل كونه لا يمتنع عليه أن يعلم (٤) ويقدر. والمعلوم غير ما ليس بمعلوم ؛ فثبت أن كونه ـ تعالى ـ حيا ، صفة حقيقية قائمة بذاته. لا أنها سلب محض ؛ وهو ضعيف أيضا ؛ فإن امتناع كونه عالما ، قادرا ، وإن كان سلبا ؛ وسلبه ثبوت ؛ فذلك الثبوت هو صحة كونه عالما قادرا.
__________________
(١) فى ب (قام).
(٢) انظر ل ٤٠ / أ.
(٣) لعل المقصود به الإمام الرازى. انظر معالم أصول الدين للرازى ص ٤٤ (المسألة السابعة) صانع العالم حي. فما هناك يرجح ما ذهبت إليه.
وانظر أيضا المحصل له أيضا. ص ١٢١.
(٤) فى ب (لا يعلم).