وأما الثالث : فمن وجهين :
الأول : أنه لو كان البقاء شرطا لكون الباقى باقيا فمن قضية الشرط أنه لا يمتنع وجوده دون المشروط : كالحياة مع العلم.
وعند ذلك : فلا يمتنع تقدير وجود البقاء بدون كون ما قام به باقيا ؛ وهو محال.
الثانى : أنه لو كان البقاء شرطا لكون الباقى باقيا ، وأن يكون البقاء (١) قائما بغير الباقى ؛ لجاز أن يقال ببقاء الأعراض ، ببقاء قائم بالجواهر لا بها ؛ وهو محال على أصل الشيخ أبى الحسن الأشعرى.
الوجه (الثانى) (٢) على أصل المسلك : أن ما ذكره الشيخ منتقض على أصله بالقديم ؛ فان القديم قد يطلق على المتقدم بالوجود ، إذا تطاول عليه الأمد ، ومنه قوله ـ تعالى ـ (كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ) (٣)
والجوهر لا يوصف في أول زمان حدوثه بكونه قديما بهذا الاعتبار. وقد يوصف به بعد ذلك ؛ فقد تجدد له حكم لم يكن ، كما تجدد في الباقى.
فإن جعله معللا بالقدم ؛ فهو خلاف مذهبه.
وإن لم يعلله بالقديم ؛ فقد انتقض دليله.
المسلك الثانى :
للشيخ أبى الحسن الأشعرى.
وحاصله : أنه لو بقى الباقى بنفسه من غير بقاء ؛ لما تصور / عدم الجوهر ، واللازم ممتنع ؛ فالملزوم مثله.
وبيان الملازمة : هو أن الجوهر إذا كان باقيا لا ببقاء ؛ فهو لا ينعدم بنفسه ، وإلا لما كان باقيا.
__________________
(١) فى ب (الباقى).
(٢) فى أ (الخامس).
(٣) سورة يس ٣٦ / ٣٩.