والقدرة لا تتعلق بوجوده في حالة (١) بقائه حتى يقال بعدمه بسبب (٢) عدم (٢) تعلق القدرة بإيجاده حال (٣) كونه باقيا ؛ لما فيه من إيجاد الموجود ، وتحصيل الحاصل. ولا يتعلق بعدمه ؛ إذ القدرة المؤثرة ، لا بدّ لها من أثر ، والعدم لا يكون أثرا ؛ إذ هو نفى محض.
وهو ضعيف أيضا ؛ إذ لقائل أن يقول :
ما المانع من إعدامه بالقدرة ، كما (٤) قاله (٤) القاضى؟
والقول بأن العدم نفى محض ؛ فلا يكون أثرا للقدرة ؛ فمندفع. فإنه إن قيل : بأن أثر القدرة لا بدّ وأن يكون أمرا ثبوتيا ؛ فممنوع.
وإن قيل : إن أثر القدرة ما لو لا القدرة لما كان ؛ فالعدم بهذا الاعتبار أثر ؛ فإنه لو لا القدرة لما كان.
ولا يلزم على هذا أن يقال : فيلزم أن يكون العدم السابق على العالم مقدورا ؛ وهو خلاف إجماع العقلاء ؛ لأن العدم السابق قديم ، والقديم لا تتعلق القدرة به ؛ لما فيه من تحصيل الحاصل ؛ وهو محال ، بخلاف العدم المتجدد الكائن بعد ما لم يكن.
سلمنا أنه يمتنع أن يكون عدم الجوهر مقدورا ؛ ولكن ما المانع من أن يكون طريق عدمه بأن لا يخلق الله ـ تعالى ـ الأعراض التى لا يتصور خلو الجوهر عنها ، أو بعضها ، ويكون انقطاعه بسبب انقطاعها ، ولا يلزم على هذا أن يقال بكون الأعراض مؤثرة في وجود الجوهر ؛ لضرورة عدمه بانقطاعها ، وإلا كانت الحياة مؤثرة في العلم ؛ لضرورة أنه يلزم من عدمها عدمه ؛ وهو محال.
فإن قيل : إذا جوزتم كون الباقى باقيا بلا بقاء ؛ فما المانع من الحكم على الأكوان بكونها باقية؟ ولو كانت باقية ؛ فما طريقكم في عدمها ، وعدم الكون لا يكون عند المعتزلة إلا بضده ، وذلك (٥) يجر إلى امتناع عدم الأكوان جملة ؛ وهو محال.
__________________
(١) فى ب (حال).
(٢) فى ب (لعدم).
(٣) فى ب (حالة).
(٤) فى ب (لما قال).
(٥) فى ب (وذلك محال لأنه).