فنقول (١) : هذا إنما يلزم أن لو قيل : بامتناع كون الأعراض باقية ؛ بسبب امتناع قيام البقاء بها ، وليس كذلك ؛ بل استحالة بقائها بما (٢) سننبه عليه (٢) فى موضعه إن شاء الله تعالى.
وأما المعتزلة (٣) : فقد اعترضوا على هذا المسلك ، بأن الله ـ تعالى ـ يخلق فناء هو عرض لا في محل مضاد للجوهر ، فيفنى به الجوهر ؛ وهو باطل ـ على ما سنبينه في موضعه ـ واستدلوا على نفى البقاء بثلاث / مسالك :
المسلك الأول :
أنه لو كان البقاء معنى ، لم يخل : إما أن يكون له ضد ، أو لا ضد له.
فإن كان الأول : وجب قيام ضد البقاء بالجوهر ؛ فإن جملة المتضادات ، لا تقوم بغير الجواهر. ولو قام ضد البقاء بالجوهر حالة كونه باقيا ؛ لكان باقيا ، وغير باق ؛ وهو محال.
وإن لم يكن له ضد : فعدمه متعذر.
المسلك الثانى :
هو أنهم قالوا : لا معنى لكون الجوهر باقيا ، إلا أنه مستمر الوجود والبقاء عند القائلين به متجدد غير مستمر. فلو كان استمرار الوجود مفتقرا إلى البقاء المتجدد ؛ لكان استمرار الوجود متجددا ؛ وهو محال.
[المسلك] (٤) الثالث :
أنهم قالوا لو كان الجوهر باقيا ببقاء ؛ فبقاؤه زائد على وجوده. وعند هذا فلا يخلو : إما أن يقال بجواز خلق الجوهر في وقتين فصاعدا دون البقاء ، أو (٥) أنه يمتنع خلقه دون البقاء (٥).
__________________
(١) فى ب (قلنا).
(٢) فى ب (بما سنبينه).
(٣) عن رأى المعتزلة في هذه المسألة : انظر المغنى ٥ / ٢٣٦ وما بعدها
والمحيط بالتكليف ص ١٤٦ وما بعدها.
(٤) ساقط من أ
(٥) فى ب (وأنه يمتنع خلقه دون الباقى).