إلى عظمة الله ـ تعالى ـ وجلاله ، دون تحريك أنملة لبعض العباد طاعة وخدمة لبعض ملوك العباد (١) ، ومن فعل ذلك ؛ فإنه يعد في العرب (٢) مستهينا مستهزئا بذلك الملك (٢) ، وخارجا عن دائرة التعظيم ، فما ظنك (بمن) (٣) هو دونه في الرتبة؟
وأما التخصيص بسماء الدنيا. فإنما كان لأنها أدنى الدرجات بالنسبة إلى جلال الله ـ تعالى ـ فلذلك (٤) خصصت بالنزول إليها مبالغة في التلطف. كما يقال للواحد منا : صعد إلى الثريا ، ونزل إلى الثرى ، من حيث أن ذلك أنهى الدرجات بالنسبة إليه ، ارتقاء ونزولا.
ولأجل ذلك خصص النزول بالليالى دون الأيام ؛ من حيث إنها مظنة الخلوات ، وأنواع العبادات ، لأرباب المعاملات.
ويحتمل أن يكون المراد بذلك نزول ملك من ملائكة (٥) الله (٥) بطريق حذف المضاف ، وإقامة المضاف إليه مقامه كقوله ـ تعالى ـ : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) : أى أهل القرية : ولقوله (٦) ـ تعالى (٦) ـ (الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ) (٧) : أى أولياء الله. ويقول : هل من تائب فأتوب عليه؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ ، ويضاف ذلك القول إلى الله ـ تعالى ـ كما يقال : نادى الملك في مدينته وقال : كذا كذا. وإن كان المنادى ، والقائل غيره.
__________________
(١) فى ب (الأرض).
(٢) فى ب (مستهينا لذلك الملك مستهزئا به).
(٣) فى أ (بما).
(٤) فى ب (ولذلك).
(٥) فى ب (الملائكة).
(٦) فى ب (وقوله).
(٧) سورة المائدة ٥ / ٣٣.