الثالث : إجماع العقلاء على أن من اتصف بصفة. لا تزايله تلك الصفة بإخبار المخبرين ، وعدم إخبارهم. ولو كانت الصفة هى الإخبار ؛ لما كان كذلك.
الرابع : هو أنه لو لم تكن الصفة هى المعنى ؛ بل القول والإخبار ، لما كان الرب تعالى متصفا في الأزل بصفات الإلهية ، والجلال ؛ لعدم المخبرين ، والواصفين ؛ وهو خرق لإجماع المسلمين.
والقول بأنه لو كانت الصفة هى المعنى القائم بالشيء ، لسمى خالقه واصفا ؛ ليس كذلك ؛ إذ ليس اشتقاق اسم الواصف من الصفة ؛ بل من الوصف ؛ وهو الإخبار عن الصفة. ولو كان اشتقاق اسم الواصف من خلق الصفة ؛ لسمى الرب تعالى عالما ؛ بخلقه للعلم الحادث ، ومستطيعا ؛ بخلقه (١) للاستطاعة الحادثة ؛ وهو محال.
وعلى هذا : فلا نسلم أن اسم المحرك مشتق من الحركة ؛ بل من التحريك.
وقول العرب : الوصف ، والصفة بمنزلة واحدة إن صح ؛ فجوابه من وجهين :
الأول : أنه أمكن أن يقال : معناه تنزيل الصفة منزلة الوصف في المصدرية ، وإن كانت الصفة خارجة عن قياس المصادر ؛ ولهذا يقال : وصفته صفة ، ووصفته وصفا. ومثل ذلك (٢) سائغ (٢) فى اللسان. ومنه قوله ـ تعالى ـ : (وَاللهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً) (٣). وإن كان المصدر المنقاس فيه الإنبات ، ومن ذلك قولهم : كتب كتابا.
والمصدر المنقاس كتابة.
الثانى : أنه أمكن أن يقال معنى قولهم : الوصف ، والصفة بمنزلة واحدة : [أى] (٤) أن الوصف صفة للواصف المخبر لقيامه به.
وبالجملة فالبحث / فى هذه المسألة لغوى ، لا معنوى.
__________________
(١) فى ب (لخلقه).
(٢) فى ب (هذا شائع).
(٣) سورة نوح ٧١ / ١٧.
(٤) فى أ (من).