وإن كان الثانى : فالمصحح أحد العلتين دون الأخرى ، ثم يلزم منه صحة الرؤية في المحل المختص بتلك العلة ، وعدم صحة (١) الرؤية (١) فى المحل الّذي لم توجد فيه تلك العلة ؛ وهو محال.
وإن كان الثالث : فيلزم منه امتناع صحة الرؤية لكل واحد من المحلين المختلفين ؛ ضرورة عدم استقلال ما اختص به بالتصحيح (٢) ؛ فلم يبق إلا أن يكون المصحح ما به الاتفاق لا غير. وما به الاتفاق : إما أن يكون عدما ، أو وجودا.
لا جائز أن يكون المصحح ما به الاتفاق من الأعدام ، والسلوب لوجهين :
الأول : أن العدم لا يصلح أن يكون علة موجبة لصحة الرؤية ؛ فإن كون العلة موجبة صفة إثبات للعلة ، والعدم المحض لا يتصف بالصفات الإثباتية ؛ فلم يبق إلا أن تكون العلة المصححة وجودية.
الثانى : [أن (٣)] العدم لا اختصاص له بمحل دون محل. ويلزم من ذلك أن يكون مصححا للرؤية بالنسبة إلى كل محل مجهول ؛ وهو محال.
وما به الاتفاق بين الأجسام والألوان من الصفات العامة الوجودية ، ليس إلا الوجود ، والحدوث.
والحدوث لا يجوز أن يكون هو المصحح لثلاثة أوجه :
الأول : أنه يصح رؤية الأجسام في حال بقائها ، ولا حدوث في حالة البقاء.
الثانى : أنه لا معنى للحدوث ، إلا سبق الوجود بالعدم. أى أنه لم يكن ؛ فكان ، أو أنه مما لا يتم وجوده بنفسه ، وهذه أعدام ، والعدم لا يكون علة على (٤) ما تقدم (٤) ، ولا جزء من العلة ؛ لأن جزء العلة لا بدّ وأن يكون مؤثرا مع الجزء الآخر. والتأثير صفة إثبات ؛ فلا يكون صفة للعدم المحض.
__________________
(١) فى ب (الصحة).
(٢) فى ب (من التصحيح).
(٣) ساقط من أ.
(٤) فى ب (على ما سبق).