وبيانه : أن المثلين عبارة عن كل شيئين يسد أحدهما مسد الآخر فيما يجب ، ويجوز من الصفات ، أو ما يشتركان فيما لكل واحد من الواجبات ، والجائزات ، والممتنعات (١) عليه.
وصحة رؤية الجسم واللون ، ليس كذلك ؛ فإن رؤية كل واحد [منهما (٢)] لا تقوم مقام رؤية (٣) الآخر ، ولا تسد مسده (٤) ؛ فإن رؤية الجسم ليست رؤية اللون ، ولا رؤية اللون ، رؤية الجسم ؛ فلا تماثل.
سلمنا التماثل بينهما ؛ ولكن من وجه ، أو من كل وجه.
الأول : مسلم. والثانى : ممنوع. وتقريره / ما سبق قبله.
سلمنا التماثل من كل وجه ؛ ولكن لا نسلم امتناع تعليل الحكم الواحد بالعلل المختلفة ، وما به الافتراق. وما ذكرتموه من الدليل على امتناع تعليل الحكم الواحد بعلتين مختلفتين ؛ فهو منتقض من خمسة أوجه :
الأول : أن الحقائق المتفقة بالجنسية ، المختلفة بالنوعية ؛ لا تتم حقيقة كل واحد منها دون ما به الاتفاق ، والافتراق.
وعند ذلك : فإما أن يكون بين ما به الاتفاق والافتراق ، في كل واحد من الأنواع المختلفة تحت الجنس الواحد ملازمة ، أو لا ملازمة بينهما أصلا.
لا جائز أن يقال بعدم الملازمة : وإلا لجاز الانفكاك ، وخرج كل نوع عن حقيقته ؛ وخروج الشيء عن حقيقته محال.
وإن كان بينهما ملازمة ؛ فلا جائز أن يقال : بأن ما به الاتفاق مستلزم لما به الافتراق في كل واحد من الأنواع ، وإلا كان ما اختص بكل واحد من الأنواع مجتمعا في كل واحد من الأنواع ؛ ضرورة اتحاد المستلزم في الكل ؛ وذلك (٥) محال ؛ فلم يبق إلا أن يكون ما به الافتراق مستلزما لما به الاتفاق ؛ وفيه تعليل المتحد بالمختلف.
__________________
(١) فى ب (والمختلفات) ،
(٢) ساقط من أ.
(٣) فى ب (الأخرى).
(٤) فى ب (مسدها).
(٥) ساقط من ب.