قلنا : دليله ما ذكرناه (١).
وأما ما ذكروه من الإشكال الأول : فمندفع فإن الملازمة بين ما به الاتفاق ، والافتراق في كل نوع إنما هى من الجانبين ، لا من أحد (٢) الجانبين (٢) دون الأخر. والملازمة من الجانبين ليست تدل على أن كل واحد علة للآخر أو أن أحدهما علة للآخر ، من غير عكس ؛ بل الملازمة بين الشيئين أعم من ذلك.
ولهذا فإن الملازمة بين المتضايفات ثابتة من الجانبين ، ولا علية ولا معلولية لأحدهما ، بالنسبة إلى الأخر.
وأما الإشكال الثانى : فإنما يصح أن لو كان العلم القديم غير مماثل للعلم الحادث من حيث هو علم ؛ وليس كذلك ؛ بل هما مثلان (٣) من هذا الوجه. وإن وقع الاختلاف بينهما ؛ فليس في ذاتيهما ؛ بل في عوارض خارجة عنهما. وعلية العالمية إنما هى القدر المشترك بينهما دون غيره. هذا إن قلنا بالأحوال. وإلا فالعالمية لا تزيد على قيام العلم بالذات.
وأما الإشكال الثالث : فإنما يلزم أن لو ثبت أن الاختلاف والتضاد أمر ثبوتى زائد على ذات المختلفين ، والمتضادين ؛ وليس كذلك على ما سبق قبل.
وأما الإشكال الرابع : فإنما يلزم أن لو كان القبح صفة ثبوتية من صفات الكذب ، والجهل ، وهو غير مسلم ، بل هو راجع إلى حكم الشارع ، أو مخالفة الأعراض على ما يأتى في مسألة التحسين ، والتقبيح (٤).
وأما الإشكال الخامس : فمندفع أيضا ؛ فإن اتفاق السواد والبياض في الافتقار إلى المحل ليس حكما ثبوتيا ؛ بل حاصله يرجع إلى صفة سلبية ؛ وهو أنه لا وجود لكل واحد منهما دون المحل ؛ فلا يكون معللا كما سبق.
قولهم : لا نسلم أن مسمى الوجود مشترك بين الأجسام ، والألوان.
قلنا : هذا المنع إن صدر ممن يعترف بأن الوجود زائد على الموجود ، وأنه مشترك بين الموجودات من المعتزلة وغيرهم ؛ فهو فاسد.
__________________
(١) فى ب (ما سبق).
(٢) فى ب (أحدهما).
(٣) فى ب (متلازمان).
(٤) انظر ما سيأتى في النوع السادس ـ الأصل الأول ـ المسألة الأولى : فى التحسين والتقبيح ل ١٧٤ / ب وما بعدها.