قلنا : لو لم تكن قابلة للرؤية ؛ لما كان المصحح موجودا ، ولا معنى للمصحح للرؤية غير القابل لها. وإن امتنع أن يكون مرئيا ؛ فقد فات ما لا بدّ منه في صحة الرؤية.
وعند ذلك : فالمصحح لا يكون موجودا ؛ فإنه لا معنى للمصحح إلا ما يتحقق صحة الرؤية به ، وفي ذلك منع وجود المصحح بعد تسليمه ؛ وبه يندفع القول باحتمال وجود المانع أيضا.
كيف وأنه يلزم من اعتبار قبول القوابل المختلفة في صحة الرؤية ، اختلاف المصحح ؛ وهو محال على ما تقدم.
وعلى هذا : فقد اندفع ما ذكروه من احتمال وجود المانع.
قولهم : إن المصحح في الشاهد للألم ، والجوع ، وغير ذلك ؛ إنما هو الحياة ؛ لا نسلم ذلك.
قولهم : / الرب ـ تعالى ـ مرئى له ، أو لنا.
قلنا : بل لنا ؛ فإن ما بيناه من المصحح للرؤية ؛ إنما هو مصحح لها بالنسبة إلينا.
وما ذكروه في (١) مسألة الإدراكات مما يقتضي كون الرب ـ تعالى ـ غير مدرك لنا ، فقد سبق جوابه (٢).
وأما ما ذكروه من النقض بصفة المخلوقية : فمندفع ؛ فإنه لا معنى لكون الأجسام والأعراض مخلوقة. غير أنها موجودة غير مستغنية عن الفاعل لها ، ووجودها ليس زائدا عليها ؛ فلا يكون وجودها معللا ، وكونها غير مستغنية عن الفاعل ؛ فصفة (٣) سلبية ؛ فلا تكون معللة أيضا.
وأما النقض بالإدراك اللمسى ؛ فمندفع ؛ فإنا لا نمنع من كون الرب تعالى ـ مدركا بجميع (٤) الإدراكات عندنا ؛ وإنما الّذي يمتنع عليه أن يكون طريق إدراكه مماسة الأجسام ، وما يقع الإدراك عنده في الشاهد عادة.
__________________
(١) فى ب (من).
(٢) انظر ل ١٠٤ / أ.
(٣) فى ب (صفة).
(٤) فى ب (لجميع).