أما المذهب الأول :
فحجته أنه لو جاز أن يتعلق العلم الواحد الحادث (١) بمعلومين ، لجاز أن يتعلق بثالث ، ورابع إلى ما لا يتناهى. ويلزم من ذلك أن يكون الواحد (٢) منا عالما ـ بعلم واحد ـ بمعلومات لا تتناهى ؛ وهو ممتنع.
أما المذهب الثانى :
فحجته أنه لا مانع من تعلّق العلم الواحد (٢) إذا كان قديما بمعلومات متعدّدة ؛ فكذلك العلم الحادث ؛ فإن أحكام العلل مما لا تختلف شاهدا ، وغائبا.
وأما المذهب الثالث :
القائل بالتفصيل بين الضّرورى ، والنّظري ؛ فحجّته في جواز تعلق العلم الضّرورى ، بمعلومين ما هو حجّة من قبله.
وحجّته في امتناع تعلّق العلم النّظرى بمعلومين ؛ أنّ كل واحد من المعلومين ؛ فالعلم به نظرى على ما وقع فيه (٣) الفرض. والعلم النّظرى متوقّف على النّظر ، ويلزم من ذلك اجتماع النّظرين المفضيين إلى العلم بالمعلومين. وكل نظرين (٤) صحيحين ؛ فهما متماثلان ، وكل متماثلين (٤). متضادان ـ على ما يأتى في قاعدة النّظر (٥) فصل المتماثلات ـ واجتماع الضّدين محال.
وأما المذهب الرابع :
وهو مذهب القاضى أبى بكر. فحجّته في الطرف الأول من وجهين :
الأول : أنه لو جاز تعلّق علم واحد حادث بمعلومين ، يتصوّر العلم بأحدهما مع إمكان عدم العلم بالآخر ؛ لانقلب الجائز مستحيلا ؛ وذلك محال.
__________________
(١) في ب (منا عالما بعلم واحد).
(٢) من أول (منا عالما ـ بعلم واحد ...) ساقط من (ب).
(٣) في ب (به).
(٤) من أول (صحيحين فهما ...) ساقط من (ب).
(٥) الأصح قاعدة العلم وهذا سهو من الناسخ.
انظر الفصل الخامس في اختلاف العلوم وتماثلها ل ١٠ / ب.