وهو ثمرة الجبر لا ينكر ذلك أهل المعرفة.
ثم قال فيه عليهالسلام : أو ينسب إليه جورا بعينه وقد نسب المجبرة كل جور على وجه الدنيا إلى الله تعالى ، وجعلت ذلك إجلالا وكل مظلمة ، وهذا بنفسه أيضا مذهب المطرفية الكفرة الفجرة ، لأن عندهم ما حدث في العالم من ظلم ، وجور ، وطعن ، وضرب ، وقتل ، ورمي ، ورجم ، فهو فعل الله تعالى لا فاعل له سواه ؛ لأن عندهم فعل العبد لا يعدوه ولا يوجد في غيره ، ونحن نعلم هذا والكل ممن خالطهم من مذهبهم ضرورة ، ونعلم أنهم وإن اختلفوا في فروع لهم فلا يختلفون في هذه المسألة ، فقد قضى عليهم بشركهم ، وأطلق سبيهم ، وأجرى أحكام الحربيين عليهم ، وأزالوا عنه تعالى جميع الحكم الذي يتعلق بالنقائض والامتحانات ، وقضى عليهالسلام بأن من أضاف إلى الله تعالى شيئا واحدا من الجهالات لحق بالمشركين الحربيين ، وقد أضافوا إليه أفعال العباد كلها جهالة وظلما وضلالا ـ تقدس عن ذلك وتعالى ـ وأضافوا أشياء قالوا : فعلها ولم يردها ـ فوصفوه بصفة الجاهلين تعالى عن ذلك رب العالمين ـ وقد قضى عليهالسلام بكفر من فعل ذلك ، وألحقه بالحربيين بإجراء أحكامهم التي ذكرها عليهالسلام من القتل ، وأخذ المال ، والسبي ، وتوابع ذلك ، وقال عليهالسلام : أو يكذبه صراحا في وعد أو وعيد ، وهذه صفة المجبرة عجل الله دمارها وعفا آثارها ؛ لأنها قالت : إن الله تعالى لا يدخل المسلمين الجنة بوعده ، وإنه لا يفي بخلودهم في النار بوعيده ، وكذلك المطرفية الملعونة كذبته في قوله تعالى : (وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) [فصلت : ٤٦].
فأضافوا إليه الظلم بأنه يعاقب عبيده على فعله الواقع عندهم في المضروبين والمطعونين وغيرهم ، وأنه لا يعيض المؤلمين ، وهذا نفس الظلم ، فحكمه عليهالسلام لاحق بهاتين الفرقتين ، وأموالهم بمنزلة الحربيين ، فأوجب عليهالسلام بأن من لم