يصف الباري ـ تعالى ـ بصفاته التي وصفناه بها أو تحير فيما وصفناه به مرتاب ، فحكمه حكم الحربيين ، كما قدمنا قوله عليهالسلام في صدر الكتاب ، وكذا من لم يصف الباري بما وصفناه به تعالى في التوحيد والعدل.
أما التوحيد فأثبتوا له تعالى ثمان صفات أزلية ، وهذا قول المجبرة والقدرية ، وأما المطرفية فجعلوا أربعين اسما هي قديمة ، هي الله والله هي ، فزادوا على مقالة النصارى المفترية ، والمجبرة القدرية.
وكان الإمام الأجل المتوكل على الله ـ عزوجل ـ أحمد بن سليمان عليهالسلام يقول : إن المطرفي الواحد ثلاثة عشر نصراني وثلث ، وكان قد قضى عليهالسلام بأنهم حربيون وأن مواضعهم التي هم فيها دار حرب ، وأجرى عليهم حكم أحكام الحربيين ؛ إذ لم يتمكن عليهالسلام من إنفاذ ذلك بالفعل. قال عليهالسلام : أو يذم له فعلا أو قيلا أو ينكر له سبحانه تنزيلا (١).
فهذه المجبرة ذامة لما زعمت أنه فعله تعالى ، وهو الزنى والفواحش وظلم العباد ، وكذلك المطرفية شاركتها في هذا ونيفت عليها بذم الامتحانات ، والأمور المنفور عنها من فعله تعالى ، حتى نفت عنه فعل الحرشات والهوام والمؤذيات ، والديدان والمستقذرات ، وجعلت ذلك تنزيها وتقديسا ، فجعلت إمامها إبليسا ، ونفت التنزيل جملة ، وأنكرته ، فزادت على من كذب التنزيل بعد الإقرار به ، ففي أمثال العرب (ويلا أهون (٢) من ويلين) ، وقال شاعرهم :
أبا منذر أفنيت فاستبق بعضنا |
|
حنانيك بعض الشر أهون من بعض |
أو يجحد له نبيا مرسلا ، والمطرفية جحدت جميع أنبيائه ، وقالت : إن النبوة فعلهم
__________________
(١) وكذلك ورد هذا الكلام في (الرسالة الهادية).
(٢) في (ب) : أهول من.