وانتشاره أنه يكون أقرب إلى مطاوعته ، وأبعد عن مخالفته ، خيفة من سطوته ، وطلبا لفظه وعطيته ، فلما علم سبحانه أن صلاح المكلفين في ذلك أوجده على مقدار ما يعلمه من الصلاح ، فاضطر سبحانه الملائكة إلى مشاهدته ، وأخبر الجن والإنس به على لسان نبيهصلىاللهعليهوآلهوسلم فهذا هو المراد الذي سأل عنه في خلق العرش والكرسي ، لأنه سبحانه لما أراد من المكلفين العبادة اقتضت الحكمة وجوب اللطف المقرب مما أراد ، ولم يكن سبحانه ليحل ما يجب في الحكمة فعله ، تعالى عن ذلك علوا كبيرا ، هذا خبر أتينا على آخر كتابنا وابتدأنا باسم الله وانتهينا إلى حمده ، وهو أهل الحمد ومستحقه ، ومولاه ووليه ، لما خصنا به من الهداية ، ومنحنا من الكرامة ، وأمدنا به من العصمة ، وحبانا به من ولادة نبيه الأمين صلوات الله عليه وعلى آله الأكرمين فأنى بعدها منه فضال دونها المنن ، ونعمة صافية الزبل والردن ، إذ وصل حبلنا مما لا يخشى انقطاعه ، وأحلنا طودا من المجد معشبة تلاعه ، كما ورد عن النبي العربي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «كل نسب منقطع إلا نسبي وسببي» (١) ذلك من فضل الله علينا وعلى الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون ، فحمدا له حمدا ، وشكرا له شكرا ، إذ جعلنا الأدلة إلى دينه ، واجتبانا لقمع الباطل وشياطينه ، قال رسوله المكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إن عند كل بدعة تكون من بعدي يكاد بها الإسلام وليا من أهل بيتي يعلن الحق وينوره ، ويرد كيد الكائدين» (٢) فاعتبروا يا أولي الأبصار ، ومعاذ الله أن أتصدر
__________________
(١) سيأتي تخريجه في رسائل قادمة.
(٢) رواه الإمام الناطق بالحق أبو طالب عليهالسلام في أماليه ، بسنده إلى جعفر الصادق ، إلى أمير المؤمنين بلفظ : «إن عند كل بدعة تكون بعدي يكاد بها الإيمان وليا من أهل بيتي موكلا يذب عنه ، يعلن الحق وينوره ويرد كيد الكائدين ، فاعتبروا يا أولي الأبصار وتوكلوا على الله».
انظر (تيسير المطالب في أمالي الإمام أبي طالب) ص ٩٢ ، وهو في (لوامع الأنوار) للسيد مجد الدين المؤيدي ج ١ / ١٤ ، ١٥ ، عن أمالي أبي طالب. قال : ورواه السيوطي ، عن أبي نعيم في (الحلية) وأبو نصر السجزي في (الإبانة) بلفظ : «إن عند كل بدعة يكاد بها الإسلام وأهله وليا صالحا يذب عنه ويتكلم بعلاماته».