إمامة أبي بكر وهو باطل فإنه ما وقع هناك إجماع ، بل الخلاف واقع من أول الأمر إلى آخره؛ ولأن دعواهم الإجماع إما أن يحصل عن طريق أو لا ، فإن كان لا عن طريق كانت فاسدة ، وإن كان إجماعهم عن طريق فهل هي عقلية أو شرعية؟ وبطل أن تكون عقلية لما قدمنا ولأنهم لا يقولون بذلك ؛ وإن كانت شرعية فليست إلا من الكتاب أو السنة ، ولا شك أنه ليس فيهما ما يدل على كون العقد طريقا للإمامة فبطل ما ادعوه على الصحابة [إذا] (١) كان في ذلك إجماعهم بغير دلالة عقلية ولا شرعية وذلك لا يجوز عليهم.
وأما أن الدعوة طريق ثبوت الإمامة ، فاعلم أن معنى الدعوة هو التجرد للقيام بالأمر ، والعزم عليه ، وتوطين النفس على احتمال أثقاله ، ومباينة الظالمين ، ولا خلاف بين الأمة في أن الإمام يجب كونه على هذه الصفات بعد بطلان قول الإمامية ، ولا دليل على كون غيرها طريقا إلى الإمامة ؛ فلو بطلت الدعوة لخرج الحق عن أيدي الأمة وصار كل فريق منهم يقول : هو باطل ، وذلك ينقض كون إجماع الأمة حجة وذلك فاسد.
وأما كلام من اعترض هذه الطريق من المعتزلة وغيرهم ، فإنه لا يصح أن يدعو إلى نفسه إلا بعد كونه إماما.
والجواب عنه : [إنه] (٢) قد بينا معنى الدعوة ، وأنه التجرد للقيام بالأمر والعزم عليه وتوطين النفس على احتمال أثقاله ، ومباينة الظالمين ، فمتى حصل على هذه الأمور وكان من المنصب الشريف مع كمال الخصال التي تقدمت ، ثم دعا الناس إلى نفسه والمعاونة على طاعة الله عزوجل ، والأمر بالمعروف والنهي
__________________
(١) في (ب) : إذ.
(٢) في (ب) : أن.