جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ) [الحج : ٧٨] ، ووجه الاستدلال لهذه الآية أن هذا أمر والأمر يقتضي الوجوب.
أما أنه أمر فظاهر لأن فيه صيغته وشرطه ، وأما أن الأمر يقتضي الوجوب لقوله تعالى: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ) [النور : ٦٣] ، والوعيد لا يقع إلا في ترك الواجب ، فإن قيل : هذا عام في ولد إبراهيم عليه وعليهمالسلام. قلنا : المعلوم ضرورة أن اليهود والنصارى لا يرادون بذلك ؛ لأنهم أعداء الإسلام فهم ممن أمر الصالح بجهادهم ، وبقي المسلمون من قريش وغيرهم من ولد إبراهيم داخلون تحته ، فإن قيل : الجهاد يلزم والمسلمون من ولد إبراهيم جميعا. قلنا : الجهاد لا يقع بالناس فرضا لأن الإجماع قد انعقد أن لا بد من رئيس لكل جيش محارب ، فيتضمن وجوب المجاهدة ووجوب نصب الإمام ، فإذا قد وجب نصب الإمام منهم ، وقد قال قائل : هي في قريش وخالفهم العترة بالمنع من ذلك ، وأجمعوا معهم في جواز الإمامة فيهم ، فقد وقع التسليم فيهم والنزاع في غيرهم ، وكانت الإمامة فيهم بالإجماع الذي أكد الدلالة ؛ لأن الناس في الأمة على ثلاثة أقوال : منهم من جعلها في الناس كلهم وهم الخوارج ، فمن أجازها في الناس كلهم فقد أجازها في ولد الحسن والحسين ؛ إذ هم من الناس بل من خيرهم.
ومن الناس من جعلها في قريش وهم المعتزلة ومن قال بقولهم ، ومن أجازها في قريش فقد أجازها في ولد الحسن والحسين ؛ إذ هم من قريش بل من خيرهم.
ومن أجازها في ولد الحسن والحسين أخذ بالإجماع ، وتنكب سبيل أهل الخلاف وذلك بعد بطلان قول أصحاب النص ، والدليل على بطلان قولهم أن التعبد بالإمامة عام ودعواهم في النص خاص ، والتكليف بما لا يعلم أقبح من التكليف بما لا يطاق ، والتكليف بما لا يطاق قبيح ، والله تعالى لا يفعل القبيح ، أما أنه لا يفعله فلعلمه