أخذت بالوثيقة ، وتجوز على الحقيقة ؛ وما يلحق بباب الزيدية في أول الرسالة أنهم ثلاث فرق : بترية ، وصالحية ، وجارودية ، ومعظمهم الجارودية وهم أهل الحق منهم (١) ، والآخرون قد أخطئوا في بعض الاعتقاد ، وإذا تقرر عندك هذا الباب فاعلم أن الشيعة قد دخل فيها من ليس منها بسبيل ، وهم الذين بغضوا إلى الأمة أتباع آل محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فانتسبوا إليهم ليستروا بجلالهم عظم كفرهم ، ويستدرجوا الأغمار إلى شركهم بسحرهم ، فمنهم الغلاة وهم فرقة كبيرة لا تحتمل الرسالة تفصيل ذكرهم ، وهم مراق عن الدين أعداء الكتاب وأهله ، ونسبهم الباطنية وهم وإن لم يعدوا في فرق الإسلام لانسلاخهم عن الدين ، وخروجهم عن الملة ، واستخفافهم بالشريعة النبوية ، وتعلقهم بمذهب المجوس في ارتكاب المحرمات وإباحة المحظورات ، فإنا نذكرهم لانتسابهم إلى آل محمد ـ صلوات الله عليه وعلى آله ـ ومحرمهم على الغرام بأنهم متعلقون بولي آل محمد وذريتهم ، وسترهم لكفرهم بالكتمان ، والله عز من قائل يقول : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ) [آل عمران : ١٨٧] ، وقال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ ، إِلَّا الَّذِينَ تابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) [البقرة : ١٥٩ ، ١٦٠] ، فجعلوا يأخذون العهود على الكتمان ، ويلبسون الكفر بالإيمان ، واستصدقوهم ومن شاكلهم في قولهم أنهم من الشيعة المتبرءين من حارب أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وجعلوهم غرضا لأذيتهم بغير بصيرة ، فنحن إلى الله سبحانه منهم براء.
وكذلك الإمامية فإنهم يقولون في الصحابة مثل مقالتهم ، إلا أن الإمامية من
__________________
(١) الجارودية : من الزيدية إذا صح انتساب زيدية اليمن إليها كما يقول الإمام عبد الله بن حمزة عليهالسلام : هي غير الجارودية المذكورة في (الملل والنحل) وكتب (مصنفي الفرق) الذين يزعمون أنهم يكفّرون الصحابة ، ومن بايع من تقدم على علي ، وعمر. فقد عرفت مذهب الإمام في هؤلاء ، ومذهب أئمة الحق وشيعتهم من عصر الإمام زيد عليهالسلام إلى عصر المؤلف ، وقد تقدم في هذه الرسالة موقفهم وآراؤهم فيمن تقدم على أمير المؤمنين.