صادِقِينَ) [البقرة : ٢٣] ، (وَآمِنُوا بِما أَنْزَلْتُ مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ) [البقرة : ٤١] ، فقد رأيت امتنان الحكيم سبحانه على خلقه بما منحهم من الأرزاق ، وهيّأ لهم من الأرزاق ، وأخرج من الثمرات ، وأنزل من الأمطار ، ونهى عن جعل الأنداد ؛ لأن من أنكر ذلك فقد جعل لله سبحانه أندادا ؛ ومن جعل لله أندادا فهو كافر بالإجماع ، وصرّح بنزول القرآن كما رأيت ، وتحدّى الجاحدين لكونه من عنده بالإتيان بسورة من مثله ، وقال تعالى في هذه السورة : (وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ آياتٍ بَيِّناتٍ وَما يَكْفُرُ بِها إِلَّا الْفاسِقُونَ) [البقرة : ٩٩] ، فجمع الكفر والفسق في مقابلة إنكارها.
واعلم أن القرآن الكريم مشحون بوقوع الأمطار ، والرياح والغمام ، والنبات والثمار ، والزروع والأنهار ، والحيوانات ومنافعها ، والأرزاق وأجناسها من منته على خلقه وأن التناقص في الثمار والنفوس والزرع والأولاد والجدب والجوع والآلام التي هي الصوت ، والفقر الذي هو البأساء ، والموت منه سبحانه فذلك منه تعالى للترغيب ، وهذا منه سبحانه للترهيب ، والقرآن ظاهر لمن أظهر التعلق بالإسلام بوجوده في جميع أقطار بلدان أهل الإيمان ، ولا تخلو سورة منه عن دلالة إما تصريح وإما إشارة ، ولا بد إن شاء الله تعالى من كتابين كبيرين : أحدهما على الباطنية في نسف آرائها وتبيين عيبها وكفرها ، والثاني على المطرفية في بيان ردتها وبغيها عمن أظهرت الانتساب إليه من أئمة الهدى ، فإذا تقرر ذلك بيّنا أحكام الفريقين في مقتضى شرع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وما أطبقت عليه أئمة الهدى ، وإنما خصصنا هؤلاء بالذكر لانتسابهم إلى الشيعة ، وكون اعتقادهم منفرا للأمة عن اتباع الذرية الزكية ، فهم عندنا من الأخسرين أعمالا (الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً) [الكهف : ١٠٤] ، وإذا قد فهمت المقصود فلنرجع إلى