بالشكر لأمن يرجع إلينا ، فتدبّر ذلك تصب رشدك ، موفقا إن شاء الله تعالى.
وقد كرر سبحانه ذكر الآيات في الكتاب ، وما ينتفع به ذوو الألباب ، فقال تعالى في هذه السورة : (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِما يَنْفَعُ النَّاسَ وَما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ ماءٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ وَالسَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) [البقرة : ١٦٤] ، فقد بين تعالى في هذه الآية من امتنان والاستدلال على وحدانيته بما لو شرحنا مقتضاه لما أتينا عليه إلا في كتب كبيرة ، فسبحان من لا تنفد كلماته ، ولا تنقطع آياته ، فقد جمعت هذه الآية كثيرا مما نازعوا فيه وأنكروا ، وهي صريح لا لبس فيه وهو إيجاب النظر في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار ، وما منّ به سبحانه من جري الفلك السيار بما ينفع الناس ، والإخبار والإسرار ، وما أنزل سبحانه من الأمطار ، فأحيا به الأرض بما أظهر منها من الزرع والأشجار والثمار والأزهار ، وما خلق من الحيوانات المختلفة الأجناس المتفاوتة الأعمار ، من قول من رصدها أن الحية لا تموت حتى تقتل أو يميتها الجبار ، وأن البعوضة وعمرها ثلاثة أيام ، والذباب أربعون يوما ، وكل ذلك تقدير العزيز العليم ، وأي وكيف كان فلا تكليف علينا فيه ، وليس هذا من مقصودنا ولكنه عرض ، وفي ذكر كل شيء من تقدير الحكيم سبحانه عرض وتصريف الرياح الأربع ومكافاتها التي في حكم البيع وما علق بها من المصالح والمضار ، فالمصالح للاختبار ، والمضار للاعتبار ، والسحاب المسخر بين السماء والأرض ، فسبحان من أقله ورفعه ، وبسطه وقشعه ، وأمطره وأقلعه ، وجعل في جميع ذلك آيات لقوم يعقلون ، فنسأله أن يجعلنا من العاقلين له ، الراضين حكمه ، وقال تعالى في توسع الرزق في هذه السورة الشريفة : (وَاللهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ