طعنوا فغلبوا ـ وحكى له خبر القوم ، فدعا معقل بن قيس الرياحي (١) فبعثه في أثر القوم فلحقهم فحاربهم وقهرهم وسباهم ، وجاء بهم إلى العراق (٢) فاعترضه مصقلة بن هبيرة (٣) فشراهم بخمسمائة ألف درهم ؛ نقد بعضها وهرب ببعضها ، فقال علي عليهالسلام : قبح الله مصقلة فعل فعال الأحرار ، وهرب هرب العبيد ؛ أما إنه لو أقام أخذنا ميسوره وانتظرنا بماله وفوره ، وجاءوا إلى علي عليهالسلام فقالوا : ردهم إلى الرق. فقال : لا سبيل إلى ذلك قد عتقوا ، وما لكم إلا مال صاحبكم ، وقد قالت امرأة منهم :
__________________
(١) معقل بن قيس الرياحي قال في (الأعلام) : من بني يربوع ، قائد من الشجعان ، الأجواد ، أدرك عصر النبوة ، وأوفده عمار بن ياسر على عمر ، بشيرا بفتح «لتستر» ووجهه على بني ناجية حين ارتدوا ثم كان من أمراء الصفوف يوم الجمل وولي شرطة علي ثم كان مع المغيرة بن شعبة في الكوفة ، فلما خرج المستورد بن علقمة جهز المغيرة معقلا في ثلاثة آلاف وسيره لقتاله فنشبت بينهما معركة على شاطئ دجلة فتبارزا فقتلا معا سنة ٤٣ ه.
انظر (الأعلام) ٧ / ٢٧١. عن ابن الأثير ٣ / ٢٢١ ، والطبري حوادث سنة ٤٣ ه.
(٢) قال في كتاب (الأغاني) : وكان بنو ناجية ارتدوا عن الإسلام ، ولما ولي علي بن أبي طالب رضي الله عنه الخلافة دعاهم إلى الإسلام فأسلم بعضهم ، وأقام الباقون على الردة فسباهم واسترقهم فاشتراهم مصقلة بن هبيرة منه ، وأدى ثلث ثمنهم ، وأشهد بالباقي على نفسه ثم أعتقهم وهرب من تحت ليله إلى معاوية ، فصاروا أحرارا ولزمه الثمن ، فثمّن علي بن أبي طالب شيئا من داره ، وقيل : بل هدمها فلم يدخل مصقلة الكوفة حتى قتل أمير المؤمنين. وذكر ابن أبي الحديد في (شرح النهج) ٣ / ١٢٧ خبر بني ناجية مع علي ، عن إبراهيم بن هلال الثقفي في كتاب (الغارات) في قصة طويلة.
(٣) مصقلة بن هبيرة بن شب الثعلبي الشيباني ، من بكر بن وائل ، كان من الولاة ، كان من رجال علي بن أبي طالب ، وأقامه علي عاملا له في بعض كور الأهواز ، وتحول إلى معاوية في خبر أورده المسعودي فكان معه في صفين ، ولما استوى الأمر لمعاوية جهزه في عشرة آلاف مقاتل ، ويقال : في عشرين ألف وولاه طبرستان قبل فتحها فتوجه إليها ، وتوغل في بلادها ومضايقها وأهمل ما يسميه العسكريون خط الرجعة ، فبينما هو عائدا يجتاز بعض عقبانها سلك عليه العدو ، فقذفوه بالحجارة والصخور من الجبال فقتل وهلك أكثر من معه وضرب الناس به المثل (لا يكون هذا حتى يرجع مصقلة من طبرستان) ، وكان ذلك نحو سنة ٥٠ ه.
(الأعلام) ٧ / ٢٤٩ ، المسعودي ٤ / ٤١٩ ط. باريس ، (معجم البلدان) ٦ / ٢٠.